اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > حسين جميل .. الإنسان

حسين جميل .. الإنسان

نشر في: 2 يونيو, 2010: 05:00 م

عمار عبد القادر الزهاوي لن أتكلم عن حسين جميل رجل القانون والمحاماة والقضاء والفقه الدستوري والقانوني , ولا عن حسين جميل رجل السياسة والوطنية والديمقراطية والقومية فهذه الجوانب معروفة وقد تكلم عنها الكثيرون وانما أود ان أتكلم عن حسين جميل الإنسان , عن جدي الذي نشأ في كنفه وما أتذكره من صفاته وسلوكه اليومي مع عائلته ومع كل من يتواجد ويتعامل معه بأي صفة كانت .
ان اول من طبع في ذهني هو تواضعه الشديد الذي لا أبالغ اذا ما قلت انه كان نادرا فهو يتعامل مع أي شخص مهما كان موقعه الاجتماعي باحترام كند له واعتقد ان ذلك كان نابعا من أفكاره الديمقراطية والتقدمية والنزعة الإنسانية التي عايشته حتى وفاته فقد كان يحس بالام الفقراء ويحز في نفسه الحرمان الذي يلفهم ويتألم لمظاهر الفقر التي يجدها في المجتمع ويستفزه الظلم اينما وقع وعلى من وقع كما اتذكر انه كان يقوم بخدمة نفسه بنفسه ونادرا ما طلب من أي شخص حتى منا نحن الأطفال ومن كان يعمل في الدار ان يؤدي له أي خدمة مهما كانت بسيطة كمناولته قدحا من الماء مثلا وعندما اضطره المرض في آخر أيام حياته إلى الاستعانة بوالدتي لاداء بعض الخدمات له فكان يطلب منها ذلك بتحرج وخجل ومن تواضعه انه كان يحترم كل رأي يقال فكان لا ينزعج من الآراء المخالفة لرأيه ولا من الانتقادات البناءة طالما أنها كانت نابعة من الرغبة في خدمة المجتمع وتطوره وما أتذكره بهذا الخصوص انه عندما صدر كتابه ( الحياة النيابية في العراق وموقف جماعة الأهالي منها ) الذي تضمنت مقدمته إطراءا للمعتزلة وصلته رسالة من حفيده بشار عبد القادر الزهاوي الذي كان في بداية دراسته الجامعية في انكلترا (وهو ألان يحمل شهادة دكتورا وأستاذ في إحدى الجامعات) يخالفه الرأي وينتقد موقفه من المعتزلة وبرغم البون الشاسع بينهما من حيث الفكر والثقافة والسن في وقتها فانه لم يهمل رسالته واستمرت المناقشات بينهما ولا ادري كيف انتهت ومن انتصر ؟ وكان سعيدا ومهتما  بهذه المحاورة والمناقشات . وحتى الانتقادات السلبية التي كانت توجه إلى شخصه او مواقفه الفكرية او السياسية كان نادرا ما يرد عليها الا اذا كانت مجافية للحقيقة وكان يقول انه لاموجب للرد اذا لم يكن من شأنه خدمة الحقيقة كما ان اغلب من انتقده قد انتقلوا إلى رحمة الله ولا يكون بإمكانهم الرد علي لذا سامحهم الله وسامحنا ان اخطأنالقد الزم حسين جميل نفسه طيلة حياته العامة والخاصة بعدم الحكم على الأمور او الأشخاص بدون دليل أو برهان وقد يكون من المناسب أن أشير هنا الا أننا عندما كنا نساله عن السبب في عدم كتابته لمذكراته كان يبرر ذلك بما معناه انه قد يقوم بالحكم على بعض الأشخاص او على مواقفهم او سلوكهم بناءا على معلوماته الخاصة التي قد تكون غير صحيحة او بناءا على تقديره الشخصي الذي قد يكون خاطئا في حين انه يتعذر على هؤلاء الأشخاص لاسباب مختلفة للرد والدفاع عن أنفسهم ومواقفهم وفي هذا تجن عليهم وربما على الحقيقة لقد كان حسين جميل في تواضعه الفكري وسعة افقه تجسيدا لمقولة الامام آبي حنيفة التي كان يرددها دائما ( علمنا هذا رأي وهو احسن ما قدرنا عليه فمن جاءنا بخير منه قبلناه ) وإذا كنت قد ذكرت التواضع لابد أن اذكر أيضا التقشف والزهد فقد كان يعيش حياة بسيطة وخالية تماما من الترف يأكل قليلا أي شئ يقدم له ولا اذكر انه طلب يوما طعاما معينا حتى أننا لا نعرف ماهي أكلته المفضلة واذا لم يعجبه الطعام اكتفى بلقمة او لقمتين ونهض عن المائدة دون أي تعليق او تذمر . وكان زاهدا بالمال والثروة والمناصب والمراكز التي كان يؤمن بأنها وسيلة لخدمة الناس ومصالحهم وخير مثال على ذلك الواقعة المعروفة والشهيرة عندما استقال من وزارة الإرشاد في عهد عبد الكريم قاسم بعد يوم واحد من استيزاره.ولا اتذكر انه كان يرغب حقيقة بأي شيء باستثناء الكتب التي كانت حبه وشغفه الوحيد وكثيراً ما سمعته يقول يكفي الإنسان بيتا يسكنه وموردا يكفل له العيش الكريم كما كان يقول ان الثروة الحقيقية التي يمتلكها هي رضا المواطنين عليه هذا الرضا الذي سبق ان عبر عنه عدد كبير من مواطني وطنه عندما انتخبوا أربع مرات لعضوية مجلس النواب وما عبر عنه إخوانه المحامون بانتخابه نقيبا أربع مرات فعندما طلبوا ترشيحه للمرة الخامسة رفض ذلك .ان الكلام عن حسين جميل سيكون ناقصا اذا لم اتكلم عن حبه للنكتة وروايته للطرائف اذكر من ذلك طرفة وقعت له شخصيا ففي أ واسط الخمسينيات سافر مع ابنه علي إلى انكلترا لاكمال ابنه دراسته الثانوية في إحدى مدارسها واثناء سيرهما في إحد شوارع لندن التقيا مصادفة بنوري السعيد الذي بادرهما بالتحية واستفسر عن سبب وجودهما في لندن فلما اخبره بالسبب التفت نوري السعيد الى علي وقال له ( عفية علاوي وماذا ستدرس في المستقبل ؟ فأجابه سوف ادرس الهندسة ) وهنا قال نوري السعيد كلش زين اقرأ هندسة ولا تقرأ لغوه مثل ابوك ؟؟ ان الذكريات تتزاحم في ذاكرتي عن هذا الإنسان الديمقراطي فكرا وفعلا صاحب المثل العليا التي لم يكن يؤمن بها فقط التي كانت جزأ لا ينفصم من تكوينه وسلوكه ولولا خشيتي من الإطالة وجلب الملل إلى نفوسكم لتكلمت عن الكثير من هذه الذكريات لقد كان حسين جميل مثلا اعلى كسياسي وكأنسان ليس لانه جدي بل لانه كان رجلا صادقا ونزيها ومن خيرة الرجال كما قال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram