TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > حسين الخضراء وحسين الفقراء

حسين الخضراء وحسين الفقراء

نشر في: 16 أغسطس, 2021: 10:23 م

 د. قاسم حسين صالح

(1)

حقيقة واقعة أننا في العراق لدينا حسينان..متضادان في القيم والمباديء والنهج والسلوك. فالأمام الحسين يمثل نهج جده رسول الله بطلب الاصلاح في الامة والوقوف بصلابة المؤمن بالرسالة السمحاء ضد الظلم والاستبداد.

والحسين يحمل قيم ومباديء ابيه وسلوكه التي تجسدت في عهده لمالك الاشتر..في تنبيه سبق به علماء النفس والاجتماع والسياسة بأن القيم التي يحملها الانسان، هي التي تتحكم بسلوكه وتحدد نوعية اهدافه في الحياة : مادية اجتماعية اخلاقية..وهي التي تحدد سلوك الحاكم مع الرعية ،وتحدد موقف الرعية منه.

فتعالوا نتفحص قيم وأخلاق وسلوك (حكّام حسينيي الخضراء)..ولكن بعد ان نوجز ما جاء عنها في عهد الامام علي التي تبناها الأمام الحسين يوم خرج طالبا الأصلاح في أمّة جده.

دلالات العهد

كنّا اجرينا تحليلا احصائيا (لعهد الأمام علي للأشتر النخعي) في جدولين تضمن الأول القيم الخاصة بشخصية الحاكم وكانت (16) قيمة،بينها(تقوى الله وايثار طاعته واتباع ما امر به،اختيار أفضل الرعية للحكم “ اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك- مقولة الأمام علي” ،الأستعانة بأهل الخبرة في طلب المشورة،اكرام العلماء ومجالستهم..وانتهاءا بالحلم وسعة الصدر وعدم التسرع في اتخاذ القرارات).

والتساؤل: أي من هذه القيم تبناها من يدعون انهم احفاد الحسين وأخلص شيعته من سكنة الخضراء؟.هل اختاروا افضل الرعية للحكم؟ وهل استعانوا بأهل الخبرة واكرموا العلماء ، ام انهم اختاروا ابناء عوائلهم واقاربهم وان كانوا لا يملكون شهادة ولا خبرة ولا كفاءة..آخرها تعيينهم سفراء وكثير منهم لا يصلحون موظفين عاديين!؟.وهل اكرموا العلماء ام اضطروهم الى ان يهاجروا لتستفيد منهم دول تقدّر دور العلم والعلماء في تطويربلدانهم؟

وتضمن القسم الثاني القيم الخاصة بسلوك الحاكم مع الرعية في (15) قيمة،بينها:(العدل والانصاف في التعامل،عمارة الأرض،اعتماد مبدأ التدرج الوظيفي،عدم اشعار الرعية بالمنية،مراقبة دور الحاشية والمتملقين والمنافقين،ستر عيوب الناس،الأصغاء للعامة من الناس،وانتهاءا بالأبتعاد عن الغضب المؤذي والقسوة).

والتساؤل ثانية:هل اقتدى حكام الخضراء من الذين يدعون انهم احفاد الحسين واخلص شيعته بهذه القيم، ام انهم كانوا بالضد منها؟. وهل تعاملوا بالعدل والأنصاف مع الرعية ام كانوا طغاة مستبدين؟. و هل عمرّوا الأرض أم جعلوا الوطن خرابا؟

ان واقع حال عهد حكام احزاب الأسلام السياسي (الشيعية تحديدا) هو بالضد من تلك القيم التي تؤكد على قيم العدالة بين الناس في امورهم المعيشية والخدمية،وان لا يفرّق الحاكم بين احد من الرعية على اساس القرابة او الطائفة او العشيرة،ولا يعتبر ما يجبى من زكاة وخراج (ثروة الوطن) ملكا خاصا به..يشتري بها الضمائر والذمم ويسخرّها لمصلحته،وينفقها على ملذاته واشباع رغباته الدنيوية الزائلة،فيما المعروف للجميع أن المسؤولين الذين يدعون (حسينيون) اشتروا البيوت الفارهة في عواصم عربية وعالمية وبنوا فنادق فخمة وهم كانوا معدمين!.يؤكد ذلك ما قاله السيد عادل عبد المهدي (منهم بيهم!) في فضائية الحرة عراق (ان موازانات العراق منذ 2003 بلغت 850 ملبيار دولارا معظمها تبدد بالفساد)..والرقم بالدينار العراقي هو 1062 وامامه 11 صفرا!.

والمخجل،ان من حكم العراق ثمان سنوات (2006-2014)،الشيعي الحسيني، صرح علنا بقوله (لديّ ملفات للفساد لو كشفتها لأنقلب عاليها سافلها)..وما كشفها ، لأنه لو فعل لهدده الخصوم بانهم سيكشفون حيتان حزبه ان كشفهم..وتلك في قيم الحسين وأبيه خيانة أمانة وجريمة لا تغتفر. ومع ذلك يقول للناس بأنه يسير على منهج الحسين، ما اثار سخرية حتى الأجانب. ففي مقالته المنشورة بصحيفة الأندبيندنت بعنوان (كيف تحولت بغداد الى مدينة للفساد) يذكر الكاتب البريطاني (كوكبورن) انه كان في العام 2013 يتمشى بشوارع بغداد (فأحسست بألم وأنا ارى شعارا مكتوبا على لافتات سوداء بساحة الفردوس: “الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن».!).

هذا يعني ان هذا الكاتب الأجنبي ادرك ،من ذاك الوقت!،التناقض الحاد بين قيم الأمام الحسين وبين من تولى السلطة في العراق ويدعون انهم حسينيون.فحينذاك كانت ميزانية العراق تقارب ترليون دولار..اي ما يصل حاصل جمع ميزانيات العراق خلال ثمانين عاما!،وحينذاك ايضا كانت زخة مطر قد اغرقت بغداد (عاصمة الثقافة العربية حينها!) في مشهد لا ينسى.

وخاتمة مقال هذه الحلقة، مقولة للأمام علي: (اياك والدماء وسفكها بغير حلّها)..فكم من دماء الشباب سفكتم بغير حلّها يا (حسينيو الخضراء)؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تعطيل الدوام غداً في ذكرى النصر على داعش

الخطوط العراقية: 1523 رحلة و214 ألف مسافر خلال تشرين الثاني

العدل: تأهيل 3000 حدث خلال عامين وتحديث مناهج التدريب وفق سوق العمل

إيران تكشف لغمًا جوّيًا يصطاد الطائرات المسيّرة من السماء

هيئة الرصد تسجل 8 هزات أرضية في العراق والمناطق المجاورة خلال أسبوع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram