كاظم الجماسي يعرف ذوو الاختصاص من الباحثين الاستراتيجيين ماللقطاع الخاص من دور حاسم في الارتقاء الاقتصادي والحضاري في حياة الشعوب ومنها شعبنا، وبمسحة تاريخية سريعة،سنلمس تطور دوره وانتعاشه ومن ثم كبوته التي لم تزل مخيمة على اقتصادنا حتى الساعة،
غير ان هناك بالمقابل قضية وثيقة الصلة بالنشاط الاقتصادي للقطاع الخاص،ألآوهي آلية الضمان الاجتماعي الذي شكل مطلبا مهنيا يكاد يكون محوريا،كما ان للعراق تاريخا طويلا وغني في ميدان النضال النقابي لاكتساب الحقوق المهضومة للشرائح الاوسع في جسم المجتمع العراقي،وهي غالبا الطبقات العاملة والفلاحية بمختلف مستوياتها والمنضوية تحت مسمى (الاجير). ولعل قانون الضمان الاجتماعي رقم (1)الذي سنته حكومة الزعيم قاسم في العام الاول ل(الثورة) مكسب ظلت تتباهى الحركة النقابية العراقية بتحقيقه منذ وقت مبكر،ثم كرسته عبر سنوات طوال من التضحيات والنضال الطبقي ، الانساني في جوهره،حتى صدور القانون سيئ الذكر والذي تمثل بتحويل العمال الى موظفين في لعبة مكشوفة للالتفاف على مكتسبات الشرائح الاكثر مظلومية من شرائح مجتمعنا،وفي ظروف اكثر حلكة وظلامية واستبدادا ..اليوم،وفي مسعى لإستثمار المنشآت الصناعية العامة من قبل القطاع الخاص ومن باب الخصخصة، يغيب وبنحو شبه تام حق الطبقة العاملة في حصولها على اضيق حدود الضمان الاجتماعي . حدثني صديق مهنته السراجة ذاكرا أنه وعددا آخر من اقرانه،وقد إفل نجمهم بوصفهم أرباب حرف، الجأهم طلب الرزق الى العمل (مكينجية) لدى احد المستثمرين للشركة العامة لتصنيع الجلود،وكانت شروط العمل من القسوة بمكان أن عليك أن تشتغل ست ساعات متواصلة من دون ان تحتسي إستكان شاي حتى!! وأن تخيط خلال ذلك الوقت(200) حقيبة بالضبط !! وحدث انني أسترقت دقائق، يقول الصديق، واحتسيت استكانا من الشاي بل وزدت عليه بتدخين سيجارة ، وإذا برب العمل(ملك الموت) أمامي، لم ينطق بكلمة .. وفي آخر النهار أرسل لي حسابي مشفوعا بجملة (عندما نحتاجك سنطلبك .)وأضاف صديقي بمرارة تقطر وجعا: شعرت بنفسي لست سوى منديل كلينكس مخطوا فيه ومن ثم رموه في سلة النفايات. اليوم نشهد حركة إعمار وإستثمار ناهضة،ومن الطبيعي ان تقوم مشاريع متعددة بمهمة تحقيق تلك الحركة الإعمارية والإستثمارية على ارض الواقع، مايستدعي استخدامها عددا كبيرا من الايادي العاملة، سواء كانت فنية اوما يطلق عليها غير ماهرة، هذا فضلا عن عدد ضخم من تلك الايادي التي أمضت جل سني عمرها في العمل ضمن مشاريع القطاع الخاص، وعلى الرغم من اننا نقرأ بين آونة وأخرى على صفحات الاخبار المحلية ان لجانا من دائرة العمل والشؤون الاجتماعية تقوم بمسح مشاريع القطاع الخاص من اجل تسجيل منتسبيها في سجلات الضمان الاجتماعي،غير ان مايردنا وما نقرؤه ايضا من اخبار محلية عن التسريح الكيفي لاعداد كبيرة من الأجراء سواء من أشتغل منهم في القطاع الخاص أو من المحسوبين على نظام العقود،يعيد الى أذهاننا التشبيه الشهير بخيل الحكومة التي تظل ترمح طوال عمرها تحت كل من يشبخ ليركبها، وما ان تهرم حتى ترمى كنفاية يتكفل بطمرها بعد ذلك كله...، (كنانيس البلدية) .. وعذرا لقسوة التشبيه.
مكاشفة ..ضمان الـ(كلينكس)
نشر في: 2 يونيو, 2010: 05:09 م