متابعة/المدى
باتت حركة النهضة تواجه مأزقًا غير مسبوق، وخيارات محدودة بخصوص مستقبلها السياسي، وذلك بعد رفض الرئيس التونسي دعوتها إلى الحوار التي تلت محاولتها التصعيد والتهديد بالشارع في وقت سابق، بحسب مراقبين.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء أمس الاثنين، إنّ من يحاول أن يوهم نفسه بأنّه سيعود إلى الوراء فهو واهم، مضيفًا: ”وليذهب بخريطته وبالحوار الذي يتوهم أنّه يمكن أن يُنظّم“، وذلك في رد حاسم على الدعوات الأخيرة لحركة النهضة، التي طالبته بالكشف عن خارطة الطريق للخروج من الحالة الاستثنائية، والحوار مع الأحزاب السياسية.
وأضاف قيس سعيد أنّه لا يسعى إلى التشفي، لكنه لن يسمح مطلقا بإفلات الإرهابيين والذين نهبوا أموال الشعب.
وكشف مصدر مقرّب من دوائر الرئاسة أن الرئيس التونسي قيس سعيّد يتجّه إلى فتح ملفات حركة النهضة بخصوص الفساد المالي والاغتيالات، مضيفًا أن الأيام المقبلة ستشهد ترفيعًا في نسق إحالة تلك الملفّات إلى القضاء.
وقال المصدر، في تصريحات لـ“إرم نيوز“، إن الرئيس التونسي يعتقد أن أطرافا عدة أضرت بالبلاد، على رأسها حركة النهضة، بما يتطلب معالجة الأمر، خاصّة أن حركة النهضة قد حاولت الاستقواء بالخارج وتأليب الرأي العام الدولي على ما اتخذه من قرارات.
حيال ذلك، يرى المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن حركة النهضة أصبحت تواجه مأزقا غير مسبوق، فبعد أن حاولت التهديد بالنزول إلى الشارع، وربط قنوات خارجية للضغط على الرئيس التونسي قيس سعيّد للعودة إلى الوراء والحوار، لم تتبقَ لها أي آمال في تراجع الرئيس ليعود نفوذها البرلماني.
واعتبر العبيدي، في تصريحات لـ“إرم نيوز“، أن حركة النهضة كانت تراهن على ضغوط خارجية تتم ممارستها على الرئيس التونسي للحوار معها، وإرجاع البرلمان إلى العمل، غير أن تلك الدول بدا عدم مراهنتها على النهضة واضحًا للعيان، فيما صدّ الرئيس كل الأبواب أمامها لالتقاط الأنفاس والعودة إلى المشهد السياسي بأي طريقة كانت.
وأضاف العبيدي أن حديث الرئيس التونسي عن عدم العودة إلى الوراء، وعدم التسامح مع المتورطين في الإرهاب ونهب التونسيين، أمس خلال الزيارة التي أداها إلى مطار تونس قرطاج الدولي، يؤشر على توجّه نحو ”تعميق جراح“ الحركة، ومزيد إحراجها في المشهد السياسي، بعد فتح الملفات التي تدينها بشكل رسمي في القضاء.
واعتبر المحلل السياسي رياض حيدوري أن استمرار حركة النهضة في المناورات السياسية سيعود عليها بالوبال، وسيؤدي إلى مزيد خسارتها لأنصارها، إضافة إلى خسارة التموقع في المشهد السياسي.
وقال حيدوري، في تصريحات لـ“إرم نيوز“، إنّه كان على حركة النهضة أن تصارح الرأي العام بمسؤوليتها في الأضرار التي لحقت البلاد في السنوات العشر الأخيرة، وأن تمضي في إصلاحات مستعجلة، لكنها اختارت المناورة والاستمرار في مهاجمة رئيس الدولة تارة، وطلب الحوار معه تارة أخرى، ما أدى إلى عزلها سياسيا وشعبيا.
وأضاف حيدوري أنّه كما باغت حراك 25 يوليو/ تموز حركة النهضة وساهم في إزاحتها نتيجة المكابرة والهروب إلى الأمام، فإن عدم فهم السياق الجديد المتسم بإرادة للإصلاح، قد يعجّل بتفككها أو حلّها بمقتضى قرارات قضائية.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الصغير القيزاني أنّ حركة النهضة تعيش مأزقا غير مسبوق، مضيفًا أن المخاوف تتصاعد من إمكانية لجوئها إلى العنف الذي اعتادت تيارات الإسلام السياسي ممارسته في أزماتها لفرض الأمر الواقع.
وأضاف القيزاني، في تصريحات لـ“إرم نيوز“، أن سيناريو تحريك أدوات الفوضى والإرهاب غير مستبعد، لضمان الإفلات من العقاب والضغط على رئيس الدولة للتراجع عن القرارات التي اتخذها، ما يدعو الرئاسة التونسية إلى أخذ المزيد من الإجراءات الاحترازية.










