عمـار سـاطع
لن تكون ظاهرة تُعمم على الجميع، لكنها تَخصُ الأكثرية، مثلما لن تكون حالة عامة ظهرت فجأة، بقدر ما أن تكون شعوراً مؤلماً تصل الى درجتها حد الأسى، نتيجة الافتقار الى الرؤية الصائبة والتخطيط السليم!
فما حدث مع أحد نجوم الكرة، الذين نالوا الاعجاب من المشجعين أو الملمّين بعالم المستديرة والمقيّمين لإمكانيات اللاعبين، يكاد أن يكون استثنائياً وربما منفرداً عن الذي يحدث عند دول أخرى، وهو ما حصل مع لاعب نادر التفوّق عندنا!
إذ من غير المنطقي أبداً ما سجلهُ اللاعب حسين علي، على نفسه من نقطة اوصلته الى الابعاد من صفوف منتخبنا الوطني قبل انطلاق معسكر تركيا تأهّباً للتصفيات الحاسمة المؤهلة الى مونديال قطر، بعد أن تصرف بطريقة أقرب لأن تكون (ساذجة) مع مدرب المنتخب وحتى مع الجهاز الإداري!
لاعب يمتلك امكانيات مميزة، تعامل بمزاجية عالية وأشر على حالة اللامبالاة التي تجسّدت في لحظات طائشة وأظهرت ثقافته المحدودة وأسلوبه غير المدروس، وكأنه لا يملك خبرة السنوات الأربع التي لعب فيها للمرة الاولى مع المنتخب الوطني!
أشعر بحزنٍ شديد جرّاء هذا التصرّف الذي لا ينم قط مع لاعبٍ اعتبره البعض خليفة حبيب جعفر، لمهارته وامكانياته، مثلما قيل عنه بأنه يحمل قوة انفجارية هائلة، يصل به الحال لأن يرفض الجلوس بديلاً في مباراة تجريبية ويطالب بمغادرة الوفد وهو في معسكر يحتاج اليه المنتخب والكادر التدريبي المنشغل بايصال اللاعبين الى أفضل درجات الإعداد البدني ورفع حالة الانسجام بين خطوط الفريق قبل مواجهة كوريا الجنوبية مطلع الشهر المقبل!
لا أفهم بالضبط، ما حدث من تنافر في الرؤى أو غياب الحكمة في مثل هكذا موضوع أوصل الامور الى حدود قرار المدرب الهولندي ديك أدفوكات في إبعاد، حسين علي، لكن المنطق يقول أن اللاعب عاش في تناقض غير مسبوق، نتيجة ضغوطات طلب نادي الصفاقسي الحضور الى تونس للتعاقد من جهة وبقاءه جليس دكة البدلاء في مباراة إسبانيا الاختبارية!
قد تكون ثقافة اللاعب المحدودة ومحاولة مغادرة الدوري العراقي وشعوره بالاحباط في موسم طويل بعد تباين أداءه وظهوره بمستوى أقل فنياً عن المواسم الماضية، أو حتى في موسم احترافه قبل عامين بالدوري القطري من أسباب ما جعله يصل الى قرار طلب مغادرة معسكر المنتخب، لكن كل ذلك لن يكون من بين المسوغات الأهم في تركه للمنتخب وهو بأمس الحاجة له وللكثير من اللاعبين المهمّين!
ربما يختلف معي الكثيرون في أن حسين علي، لم يظهر ما لديه من امكانيات، أو أن ادائه انخفض كثيراً، ولم يعد ذا تأثير مثل فترة توهّجه واختياره أفضل لاعب محلي قبل مواسم، بيد أن اللاعب يملك ما لا نجده عند أقرانه الآخرين، إلا في قلّة قليلة، فهو لاعب يحتفظ بالكرة في أوقات مهمة ولديه القدرة على الاختراق مثلما يملك حساً تهديفياً مهماً ويتعامل بمهارة فوق الأديم الأخضر بالشكل الذي يميّزه ويجعله من بين المميّزين!
أقول.. إن ما ينقص، حسين علي، هو الثقافة الفعلية خارج ملعب كرة القدم.. وربما أنه تأثر في التعامل مع الآخرين، وقد يكون احترافه في دوري نجوم قطر، قد أثّر عليه سلباً لأن النضج الفني سيكون بحاجة ماسة لارتقاء نفسي، خاصة وأنه استمر لفترة قصيرة جداً، وهو ما يعني أن التوازن فُقِدَ لدى اللاعب الذي اعتبره من بين المواهب الكروية التي ظهرت على الساحة في غضون السنوات الخمس الأخيرة!
من وجهة نظري، أعتبر أن ترك اللاعب لمعسكر المنتخب، فرصة إيجابية له، إذ أن من خلال هذه الفترة، سيراجع اللاعب نفسه ويعيد حسابته بالشكل الصحيح، وربما كان لاستمراره مع الفريق، تأثيراً سلبية، لكونهِ غير مستقر، وغير مستعد أن يعطي كل ما في جعبته من امكانيات تخدم المنتخب!
أنصح اللاعب المميّز، حسين علي، أن يراجع نفسه جيّداً وأن يعيش في فترة استرخاء ويبتعد عن التأثيرات السلبية، وأهمها مواقع التواصل الاجتماعي أو التصريحات التي من شأنها تبقيه في أجواء الأزمة التي حدثت، مثلما أطالبه أن يغادر (الكروبات) وأن يعود بخطوات واثقة وإصرار على فتح صفحة جديدة مع الكرة والمنتخب على وجه الخصوص، فالمنتخب بحاجة ماسّة له، وان لا يضع في حساباته أن ابتعاده اليوم هو أبدي، بل هو درس وقتي، وعليه أن يعي جيّداً أنه سيعود في الفترة المقبلة.