علي حسين
قال لكم أردوغان قبل خمس سنوات عجاف ان "قوّاتنا لن تخرج قبل تنفيذ مهمّاتها" ولم يخبركم ما هي هذه المهام.
وبشركم آنذاك أشهر وزراء الخارجية على سطح الكرة الأرضية إبراهيم الجعفري، بانسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية، لأنها احترمت سيادة العراق.. وسخرت انقرة من حديث الجعفري واعتبرته مكتوباً بلغة "سنسكريتية" منقرضة، وبشرت العراقيين بأنها لم تنسحب، لكنها تعيد انتشارها.
خرج رئيس الوزراء في تلك الأيام السعيدة ليمنح تركيا 24 ساعة لتسحب قواتها وإلّا، وانتهت المهلة يوم 07/12/2015، فذكّرتنا وزارة الدفاع بمبنى نسيناه طويلاً اسمه مجلس الأمن سيكون الحكم، ألا، أعذروني، لأنني أُكرر هذه العبارة، فقد أخبرتنا آنذاك لجنة الأمن والدفاع النيابية بأنّ هناك اتفاقية موقّعة مع تركيا تسمح بتوغّل القوات 35 كيلومتراً، وتجرع بعض أعضاء اللجنة حبوب الشجاعة وطالبوا بإلغاء هذه الاتفاقية .
ليس من دواعي الحظ أن تسمع أخبار العراق هذه الأيام، سوف تشاهد وتسمع النقيضين، خصوصاً إذا كنت تعاني من هواية متابعة الفضائيات، كم مرة في التاريخ يتسنى لنا أن نتسلّى على مثل هكذا تصريحات؟ لذلك ينام المواطن العراقي على بيان، ثم يصحو على نفي من نفس أصحاب البيان.
في ذلك الوقت كان مجلس النواب ولا يزال مشغولاً بقضية نشر الفضيلة، وترسيخ دعائم الأخلاق، فقد وجد النواب "المؤمنون" أنّ العراقيين شعب بحاجة الى تأديب وتهذيب، وبدلاً من أن يقدموا طلباً لمناقشة التدخل التركي، انشغلوا، بمناقشة قانون الأحوال الشخصية الذي يبيح زواج القاصرات.
وفي كل تطور نجد أنفسنا بصدد تطوّر مذهل، يتمثّل في أنّ البرلمان الذي سكت أعواماً على وجود القوات التركية، ينتقل من مرحلة الاستظراف، إلى مرحلة المأساة عندما يتبادل رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي المكالمات الهاتفية مع رئيس البرلمان التركي يناقشون فيها قضايا المنطقة في الوقت الذي تواصل فيه الطائرات التركية قصف قرى داخل العراق، فيما أعضاء البرلمان المبجّلين "يُثرثرون" بما يجب، ولا يجب، ويبيعون للناس تصريحات فاسدة، لا تختلف في نوعيتها عن تصريحات الديمقراطية العراقية ، وأظنّ أن تجارب السنوات الصعبة علّمتنا ألّا نتوقف كثيراً عند كل أشكال اللهو النيابي، سواء من جانب رابطة الإصلاح، أو من أولئك الذين يعتقدون أن أردوغان أقرب إليهم من حبل الوريد. .. ووسط هذا كله من الطبيعيّ أن تشاهد وزير الدفاع العراقي يجلس مبتسما لكي "تطلع الصورة حلوة" ومعها خبر كوميدي يقول: "وزير الدفاع العراقي بحث خلال لقائه مع وزير الدفاع التركي، مجموعة قضايا ذات اهتمام مشترك، من بينها سبل تطوير العلاقات، وتعزيز التعاون المشترك بين وزارتي الدفاع في كلا البلدين". ولم يخبرنا السيد وزير الدفاع : هل قرأ اخبار قصف القوات التركية لقضاء سنجار ؟