بغداد/ المدىأخيراً طويت آخر اوراق الانتخابات وذيولها من طعون واعادة فرز ومصادقة نهائية، فقد اصدرت المحكمة الاتحادية قرارها النهائي بالمصادقة على نتائج الانتخابات، بعد ان اغلقت ملف الطعون والاعتراضات، وبذلك اصبحت الطريق سالكة الى قبة البرلمان من دون عوائق قانونية أو دستورياً،
وهذه كناية عن وجوب الاحتياط بالكلام، والامتناع عن انتقاد رجال السلطان، خشية فتكهم وانتقامهم، حيث قال الشاعر:اخفض الصوت ان نطقت بليل/ والتفت بالنهار قبل الكلاموقال الابيوردي:سر الفتى من دمه ان فشا/ اوله حفظا وكتماناواحتط على السر بكتمانه/ فان للحيطان آذاناوكان الرجال المنوط بهم ايصال الاخبار الى السلطان، يسمون اصحاب الخبر، ويلتزمون بان يرفعوا الى الحاكم جميع مايقع عليه نظرهم، اويصل الى سمعهم من الاحاديث، ويفرض عليهم ان يحضروا مجالس الناس وولائمهم، ومجالس الوعظ فانه يجري في هذه المجالس مايجب الاطلاع عليه، وكان المنصور العباسي يدس قوما يتجرون في البلدان ويتعرفون الاخبار، وكان مما اوصى به ولده المهدي ان يعد رجالا في الليل لتعرفه مايكون بالنهار، ورجالا بالنهار لتعرفه مايكون بالليل.وهذه الكناية كانت لها اهميتها ايام النظام السابق اذ انه بث العيون على كل شيء وقصة الرجل الذي حكم بالاعدام معروفة فهو قد رأى في المنام انه رئيس جمهورية العراق، وتحدث بهذا الحديث امام زميل له من كتاب التقارير، وحالما وصل الامر حكم الرجل بحجة انه لولم تكن نفسه تحدثه بالرئاسة لما رأى حلما بهذا الشأن، اما الآن فلم تعد للحيطان آذان، وانما نمت لها اسنان واصبحت الوشاية والمكيدة على اوجها، الآن اصبح الموبايل هو صاحب الاخبار وياليت الامر يكون بحق لنتخلص من المجرمين والقتلة واللصوص، ولكن المحزن ان كثيرا من الابرياء راحوا ضحية الواشي السري وبعد معاناتهم يفرج عنهم مع الاعتذار.نحن مع تنشيط النظام الاستخباري وتطويره لحماية البلد من الارهاب والمجرمين، لكن الممض في الامر ان هذه الاجهزة تستخدم بعض الاحيان لغرض بعيد عن الغرض الذي انشئت من اجله، فهي في احيان كثيرة تستخدم للنزاعات الشخصية والمكائد، وهذه الثقافة نشطت في السنين السابقة للتغيير، اذ ان رجل الاستخبارات آنذاك مرهوب الجانب والناس تتجنبه، وحتى الاطفال يخشون اللعب مع اطفاله لئلا تفلت كلمة من احدهم فتكون وبالا على العائلة، هذه الثقافة نمت وازدهرت ماعجل بسقوط النظام السابق، لان رجل الامن والمخابرات والاستخبارات كان محسوبا على النظام وهو بعبع يخيف جيرانه ومن حوله، هذا ماحدث في زمن الديكتاتورية ولانريد له ان يتكرر في الديمقراطية الجديدة، ففي حالة تم القبض على بريء عن طريق الوشاية وتعرض الى الاهانة والسجن ومن بعد يخرج مع الاعتذار ؛ في هذه الحالة على القوات الامنية ان تردع الواشي وتعتبر البلاغ بلاغا كاذبا وتنص على عقوبة الفاعل قانونا، والا ستصبح العملية مليئة بالفوضى والارباك وتفقد بالتالي الغرض الذي انشئت لاجله مثل هذه الاجهزة، وهناك ناحية اخرى وهذه الملوم فيها المواطن الذي يصمت حين يرى المجرمين واللصوص خوفا اوربما مجاملة وهذا كله يدفع من حساب الوطن وامن المواطن، ففي زقاق ما ومنطقة ما سرق لص احد البيوت في النهار ورب البيت يعلم من هو السارق وحين تسأله لماذا لاتبلغ الشرطة يقول سأدفع اكثر من المسروقات وسأعطي (القاط قاطين)، هذه المسألة يجب ان تعالج لتعود ثقة المواطن بنزاهة الاجهزة الامنية ومهنيتها حتى نفرز العضو الفاسد فنعزله ونعالجه وان اضطر الامر نقطعه كي لايشوه الجسد بكامله، ولندع ثقافة الامس للامس، ولانكرر مصطلحاتها، فالامن مسؤولية الجميع وعلى الجميع المشاركة في حفظه وعلى الحكومة ان تعد برامج مكثفة لتأهيل الاجهزة الامنية وإعدادها إنسانياً.
هواء فـي شبك ..الحيطان لها آذان
نشر في: 2 يونيو, 2010: 08:44 م