TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > عودة إلى جبران خليل جبران

عودة إلى جبران خليل جبران

نشر في: 4 يونيو, 2010: 04:26 م

قاسم مطر التميمي تحل في هذه السنة الذكرى التاسعة والسبعون لوفاة الأديب والشاعر اللبناني الكبير جبران خليل جبران ، الرجل الذي بلغت شهرته الآفاق ليس في الوطن العربي حسب وإنما في أميركا والعالم . فقد كتبت حوله آلاف الرسائل و الأطاريح والدراسات في مختلف الجامعات وخارجها . صدر الكتاب الذي بين أيدينا لـ (مناسبة) مهرجان جبران العالمي الذي أقيم في بيروت.
وقد جمع نصوصه وصنفه الدكتور بشروئي أستاذ الأدب الإنكليزي في الجامعة الأميركية في بيروت الذي قسم الكتاب الي جزءين ؛ جزء باللغة العربية والجزء الآخر باللغة الإنكليزية ، وعمد الى كل جزء فقسمه الى ستة أجزاء ، هي كما يلي : 1 ـ ترجمة مختصرة لحياة جبران . 2 ـ مختارات من آثاره العربية . 3 ـ مختارات من آثاره الإنكليزية . 4 ـ مختارات من رسائله . 5 ـ مختارات من النقد عنه . 6 ـ ثبت بالمصادر . والقطع المختارة في كل جزء يطابق بعضها بعضاً رغم اختلاف اللغة ما عدا القسمين الأخيرين . واعتمد في ( الترجمة المختصرة لحياة جبران ) على الحقائق التي أوردها كل من الأستاذ ميخائيل نعيمة والدكتور خليل حاوي : الأول في كتابه ( جبران خليل جبران : حياته ، مماته ، أدبه ، فنه ) الصادر سنة 1934م . والثاني في كتابه المنشور عام 1963م .. ويحتوي هذان الكتابان علي أدق المعلومات التي جمعت عن حياة جبران حتى الآن . ولا سيما أن هناك معلومات خاطئة عن حياته ، معلومات اكتسبت سمة الحقائق الثابتة عند معظم الذين كتبوا عنه وخاصة من خارج لبنان . وتتحمل باربرة يونغ المسؤولية الكبرى في خلق هذه الأفكار الخاطئة التي ضمنتها كتابها : ( هذا الرجل من لبنان) عندما نقرأ جبران في كل ما كتب من ( دمعة وابتسامة ) الي ( الأجنحة المتكسرة ) الى ( النبي ) و ( يسوع ابن الإنسان ) و ( آلهة الأرض ) نراه لا يستعير صورة ولا موضوعاً من مهجره ، فكأنه يكتب في محيط شرقي ، وكأن أذنيه مسدودتان لا تسمعان ضجيج الدواليب وزئير المعامل والبواخر . وهو في أروع ما كتب باللغة الإنكليزية لا يتعدي هذه الحدود ، فالليل والناي والوادي والنهر ، والبحر والثلج والضباب مواد منتوجاته الأولى . يذكر البيدر والكروم ونواح المعصرة ، فكأن جرف المعصرة كان سريره ، والضباب أقمطته والبيدر ملعب صبوته . إنشاء ، لدن ، مرن ، ناعم ، تعابير مملوءة ألواناً وموسيقى ، تنعشها نفس صوفية كانت المثال الأعلى لإخوان الرابطة القلمية . فعولوا جميعاً على هذا الأسلوب الناعم الطري الممزوج بالروح الصوفية وتفلسفوا كلهم في شعرهم ونثرهم . إن جبران كاتب مقل مجود متعمل ، ولكن صقله الدائم لعبارته أخفى تعمله ، فكاد يكون إنشاؤه طبيعياً لا تحس أثر الصنعة فيه .أما الطور الجبراني الثاني ، وهو طور الأقصوصة والقصة ، فلا ينحرف فيه جبران عن أسلوب ( دمعة وابتسامة ) إلا قليلاً . يتجه اتجاهاً ملموساً صوب الواقع لأن القص والحوار يحولان دون التحليق الكلي في سماء الخيال . وقصص جبران جميعها بل أدب جبران كله قوامه الحب . فالحب هو القطب الجبراني وعليه تدور رحاه الطاحنة .. وما إغراقه في الصوفية إلا رجاء الخلود في حضن المادة ، والتنقل من حال الى حال ليظل يتمتع بمباهج الحياة وملذاتها . الحب الإنساني المادي هو أنشودة جبران وهو غرضه في جميع أقاصيصه . ففي قصته ( الأجنحة المتكسرة ) غنى الحب المقهور أعذب ألحان سمعها الأدب العربي . أما الطور الجبراني الثالث فهو طور الفلسفة . عبر فيه عن أفكاره باللسان الإنكليزي ، وأراد أن ينقل الي أميركا العملية صوفية الشرق ، فكتب لهم بلسانهم ( المجنون ) و ( السابق ) و ( النبي ) و ( يسوع ابن الإنسان ) و ( آلهة الأرض ) وفي هذا الكتاب الأخير غرق جبران في الرمزية الى ما فوق أذنيه . أما أثر جبران في الرابطة القلمية وما بعدها فلا يزال ملموساً ، فكل أعضائها اقتربوا من طريقته في التفكير والتعبير . فمقالة جبران ( حفار القبور ) وقصيدة الأستاذ ميخائيل نعيمة ( أخي إن ضجّ .. ) كأنهما من مقلع واحد ، وإن اختلفتا شكلاً . أما معتقد الخلود فواحد عندهم جميعاً . أما عن الأسلوب الذي اعتمدته هذه المدرسة ( الرابطة القلمية ) فيلخصه جبران بقوله : " يكتب بعضنا لمن ماتوا ، ولا يدري أن قرأه في المقابر . ويكتب بعضنا لإرضاء معاصريه حاسباً أن في ذلك العظمة والخلود فيخطئ المرمى . ويكتب بعضنا لأنه إن لم يكتب يمت وهذا من الخالدين يقول مارون عبود : " فزعيم أدب المهجر شخصية لها مميزاتها القوية وعناصرها المتمردة . فهو شرقي عربي ، لم يكتب ليمغرب الشرق بل كتب ليمشرق الغرب ويكون له رسول .. والشخص الفذ هو الذي يحتفظ بلونه لأنه في غنى عن الألوان التي يكسبها من محيط غريب . إن النوابغ يفرضون أنفسهم على الناس . والمجنون هو من يحاول طمسهم .. إنه كمن يبصق في وجه الهواء " . لعل القليل من الناس يعلم أنّ جبران لا يقلّ براعةً في الرسم عن براعته في الأدب . فقد عرف رساماً قبل أن يعرف أديباً ، أو أنّه اشتغل في هذين الفنّين في مرحلةٍ واحدةٍ من حياته الحافلة بالعمل والإنتاج ؛ أقيم له أول معرضٍ للرسم في مدينة بوسطن الأمريكية سنة 1904 ومعرض آخر في قاعة مدرسة كمبرج بنفس السنة . أما أول كتاب صدر له ، وهو كتاب ( الموسيقى ) فقد صدر سنة 1905 . وللتمرس في الفن فقد سافر سنة 1908 الى باريس لدراسة الرسم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram