TOP

جريدة المدى > محليات > الوحش الأصفر: سلاح البلديات في إزالة تجاوزات شوهت المدن

الوحش الأصفر: سلاح البلديات في إزالة تجاوزات شوهت المدن

نشر في: 24 أغسطس, 2021: 11:29 م

واسط/ جبار بچاي

منذ نحو شهر وربما أكثر، بدأت الدوائر البلدية في عدد من المحافظات ومنها محافظة واسط وضع بصمات الخط الأصفر على الأرصفة المقابلة للمحال التجارية والاسواق بعد ترك فاصل بمقدار متر واحد يتيح لصاحب المحل التجاوز على الرصيف بهذا القدر من المسافة.

وجاءت تلك الفعالية في وقت أصبحت التجاوزات ظاهرة خطيرة شوهت معالم المدن وخلقت فوضى عارمة بغياب المحاسبة وضعف القانون الذي يمنع التجاوز على الرصيف.

الخط الأصفر، خطوة حضارية ربما تتيح إعادة النظام إلى الأسواق والشوارع التجارية في حال تم الالتزام بها بشكل عملي وموضوعي، فالتجاوزات أصبحت لا تطاق وصار من المستبعد السيطرة عليها وكبح جماح المتجاوزين في ظل الفوضى مع وجود السلاح المنفلت وغياب القانون والمحاسبة من قبل الدوائر البلدية التي كانت لها هيبة مطلقة وقوة تمنع أي تجاوز على الرصيف والشارع وعلى الساحات والاماكن العامة ولو بمقدار بسيط جداً. وقتل في حادثة بشعة مدير بلدية كربلاء عبير سليم الخفاجي، في العاشر من آب الحالي، متأثراً بإصابته بثلاث رصاصات خلال عملية رفع التجاوزات في المحافظة، وجرت عملية القتل بدم بارد نفذها القاتل أمام أنظار القوات الأمنية التي كانت رفقة مدير البلدية وهو يقوم برفع التجاوزات المخالفة للقانون.

ومن محافظة كربلاء أعلن الكاظمي خلال زيارته للمدينة في اليوم التالي عن إطلاق حملة واسعة لرفع التجاوزات تشمل عموم المحافظات اسماها "حملة عبير الخفاجي" كما أشرف بنفسه على رفع التجاوز الذي بسببه قتل مدير البلدية، في وقت تمكنت الاجهزة الامنية في كربلاء من القبض على قاتل مدير البلدية المهندس عبير سليم ناصر، حيث أكد رئيس الوزراء أن الحادثة لن تمر مرور الكرام، كما تعهد بأن السلطات ستكون أكثر شدة مع المتجاوزين.

وقضت محكمة جنايات كربلاء يوم الاحد 22 آب الحالي بالإعدام شنقا حتى الموت بحق القاتل بعد اعترافه بتنفيذ جريمته، كما حكمت محكمة قوى الأمن الداخلي يوم الاربعاء الموافق 18 آب أيضاً بالسجن 12 عاماً بحق أفراد المفرزة الامنية التي كانت مكلفة بحماية مدير البلدية وعددهم تسعة أفراد إضافة الى ضابط وطردهم من الخدمة.

من الخط الأصفر إلى الوحش الأصفر

القرارات التي أطلقها الكاظمي من كربلاء غيّرت مسار الخط الأصفر، وحولته إلى ما يشاع عنه "الوحش الأصفر" في إشارة إلى آلية الشفل التي اعتمدتها بعض المحافظات والدوائر البلدية وأمانة بغداد لرفع وإزالة التجاوزات والفوضى التي تعم الشوارع والطرقات والساحات العامة.

ويؤكد مراقبون أن الحملة ستكون وقتية ليس إلاّ ولا تحقق الهدف المنشود منها في ظل تخوف موظفي الخدمة العامة من المتجاوزين إضافة إلى غياب القانون والمحاسبة وانتشار السلاح المنفلت مع حقيقة أن غالبية المتجاوزين ينتمون أو يحتمون بغطاء جهات سياسية وحزبية وحتى فصائل مسلحة ما يجعل حملة عبير الخفاجي غير ذات جدوى وقد تقود إلى مشاكل وخلافات كثيرة وربما حصول حوادث مماثلة لحادثة مدير بلدية كربلاء.

ويرى ناشطون أن تزامن الحملة مع الدعاية الانتخابية وقرب الانتخابات سوف يحد منها كثيرا ويحول دون تنفيذها من قبل بعض المحافظات والدوائر البلدية التي لديها مرشحون للانتخابات المقبلة، فهي لا تريد أن تحرق نفسها في هذا الوقت.

يقول الناشط المدني والاعلامي في محافظة واسط جلال الشاطئ، إن "التجاوزات أصبحت أكثر وأكبر من ظاهرة، بل يمكن أن نسميها حالة عامة مُسلم بها في ظل غياب المحاسبة ووجود ذرائع وحجج كثيرة منحت المتجاوزين شرعية مطلقة".

وأضاف، أن "مجرد نظرة بسيطة إلى أي شارع أو سوق من أسواق مدينة الكوت على سبيل المثال يؤكد حقيقة شيوع التجاوزات التي لم ينفع معها لا خط أصفر ولا وحش أصفر".

وأشار الشاطئ، إلى أن "أسواق مدينة الكوت تشكل اليوم عائقاً كبيراً أمام الزبائن خاصة النساء بسبب التجاوزات على الشوارع والطرقات من أصحاب المحال دون أن تكون هناك إجراءات تمنع ذلك".

ويقول "ليس مهماً أن تستخدم البلديات الخط الأصفر، فهذه قضية روتينية غير مكفولة النتائج بسبب قلة وانعدام الوعي من جانب ومن جانب آخر أنها ستكون مجرد زوبعة إعلامية لا أكثر، كذلك الحال بالنسبة الى التحول من الخط الاصفر الى الوحش الأصفر (الشفل)".

وأرجع ذلك إلى أن "التجاوزات أكبر من ذلك بكثير وهي لا تحتاج الى خط أو وحش أصفر، بل لابد من اللجوء الى الانظمة والقوانين البلدية وتطبيقها بعدالة وموضوعية على الجميع".

امتحان عسير

ويقول أحد المهتمين بالتخطيط العمراني وتنظيم المدن في محافظة واسط طالبا عدم ذكر اسمه، إن "التجاوزات ظاهرة غير موجودة سوى في العراق ولها أسباب ودوافع شجعت عليها، أولها غياب تطبيق القانون، فهناك قوانين نافذة تعمل بها البلديات كفيلة بمنع أي تجاوز مهما كان لكن للأسف لم تطبق ولم يعمل بها".

وتابع، أن "غياب المحاسبة شجعت على توسيع رقعة التجاوزات، فتحولت الى ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها مطلقا ولو نفذت ألف حملة من قبل البلديات وأمانة بغداد".

وأشار، إلى أن "التجاوز تحول من استغلال جزء من الرصيف الى السيطرة والاستحواذ المطلق على كل الارصفة والشوارع والساحات العامة والمناطق الخضراء".

وبين، أن "مدننا باتت مشوهة المعالم وخرجت عن المحددات والشروط التجارية والسكنية وبالتالي أصبحت تشكل عقبة كبيرة أمام القواعد والستراتيجيات الموضوعة للنهوض بواقع المدن مستقبلا، كما أثرت على الخدمات الموجودة كالماء والكهرباء والمجاري وغير ذلك".

ونبه، إلى أن "التجاوزات أثقلت كاهل الدوائر الخدمية في وقت ترضخ البلديات للمتجاوزين وأحياناً هي من يشجع على ذلك من خلال منح رخص لإنشاء أكشاك صغيرة على الأرصفة تؤجر ببدل رمزي قد يكون خمسون ألف دينار بالسنة تسدد لحساب البلدية وهي معادلة خاسرة، بل فاشلة".

القانون بدل الشفل

يرى أحد منتسبي مديرية بلدية الكوت أن "اللجوء إلى الشفل لإزالة التجاوزات أمر غير صحيح وفيه أضرار وخسائر مادية وخدمية واجتماعية وأن أفضل السبل اللجوء الى القانون ليكون فيصلاً لرفع وإزالة أي تجاوز".

وأكد، أن "الحديث عن التجاوزات أصبح حديثا عن ظاهرة شائعة ليست لها حدود وفيها امتدادات كبيرة وصلت الى الجوانب السياسية والحزبية لأن الكثير من المتجاوزين ينتمون إلى كتل سياسية وأحزاب وجهات أخرى غير مسيطر عليها".

وتحدث عن "صعوبة في التعامل مع الظاهرة بقوة الشفل، بل يجب أن يكون القانون هو الأقوى ويطبق على الجميع".

وطالب بـ"اللجوء إلى مختصين في تنظيم المدن والتخطيط العمراني وأكاديميين وفئات مجتمعية أخرى مهمة لدراسة الظاهرة جيدا".

وشدد، على "وضع الحلول والمعالجات المنصفة بعيداً عن لغة الشفل، فهي لغة فاشلة وغير مجدية النتائج وتضر بمصالح الناس رغم أنها تستهدف المتجاوزين فقط".

وأشار، إلى أن "جميع مدننا تعاني من اختلال في مسألة التخطيط الحضري والعمراني"، متسائلاً "فكيف مع وجود الكم الهائل والكبير جداً من التجاوزات وضعف الإجراءات والمتابعة والمحاسبة؟".

وذكر، أن "شيوع ظاهرة التجاوزات أعطى انعكاسا سلبيا على ضعف الإجراءات البلدية في منع هذه الظاهرة ومحاسبة المتجاوزين وقد أثرت على جمالية المدن وغيّبت عنها أي سمة جمالية وحضارية يطمح بها الفرد كما هو الحال في البلدان الأخرى التي تحرص على تطبيق النظام البلدي بدقة وصرامة ما جعل شوارعها وأسواقها خالية من أي تجاوز".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

ذي قار.. التضييق على حرية التعبير يطال ناشطات والأوساط المجتمعية تستهجن
محليات

ذي قار.. التضييق على حرية التعبير يطال ناشطات والأوساط المجتمعية تستهجن

 صدور أوامر قبض واستخدام المداهمات الأمنية للقبض على ناشطين عبروا عن آرائهم في مواقع التواصل ذي قار / حسين العامل أعربت أوساط مجتمعية في ذي قار عن استهجانها من استخدام أسلوب المداهمات الأمنية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram