علي حسين
تعذرون العبد الفقير لله لأنه يصرّ على المراوحة في محيط ساستنا الأفاضل، البعض يسمّيها شحّاً في الموضوعات وأنا أسمّيها من ضروريات مراجعة الحالة التي مرت بها البلاد، وكما تعرفون، فالمسألة مبدئية حيال دعاة الفشل وصنّاع الخراب، سواء أكان الاسم فلاناً أم علاناً .
الابتعاد عن كرسيّ السلطة قلق، أما مأساة ملايين المهجّرين والفقراء فمسألة فيها نظر، وضع شيوخ القواميس العربية تعريفات كثيرة لمعنى الاستحواذ والأطماع والفشل، لكنّ "فخامته" يريد أن يجد تعريفاً جديداً للسلطة لا يتعدّى مصطلح "ما ننطيها"، وفي معظم الحالات ليست سوى خراب وفوضى ومشاهد التهجير وسبي النساء واستعراض عضلات داعش. حارب ساستنا على كل الجبهات ، وتقاتلوا مع الكفاءات، وكان أبرز منجزاتهم تهجير عقل اقتصادي بوزن سنان الشبيبي ، ومطاردة تظاهرات الخراب والفساد .
عندما يدمّر المسؤول ، مؤسسات الدولة، بدلاً من تطويرها على أسس ديمقراطية.. فهو يهين الدماء والأرواح التي قدّمها العراقيون على مدى عقود طويلة من أجل أن يتنفس أبناؤهم هواء الديمقراطية الحقّة.
وعندما يصرّ سياسي على الاستحواذ على كل شيء وأي شيء، ويستخدم مقرّبوه حيلاً وألاعيبَ لتخوين الآخرين وإقصائهم.. عندما يسرق بلد في وضح النهار، عندما يبرر البطالة وغياب العدالة الاجتماعية.. عندما تسلّم مؤسسات الدولة إلى أصحاب الثقة لا أصحاب الخبرة، وعندما لا يرى المسؤول في القضاء سوى القوانين التي تحصّن سلطاته وتصونه.. فإننا بالتأكيد سائرون في طريق الخراب.
في تجارب الشعوب التي طالما أتمنى أن يتعلّم منها ساستنا نجد صوراً أخرى لزعامات قدّمت لشعوبها الأفعال بدلاً من لغة العناد والاستعلاء.. زعماء قدّموا لشعوبهم ما لم يعرفوه من قبل، في البرازيل اعتبر المراقبون انتخاب الرئيس "لولا دا سيلفا" عام 2002 بأنه شكّل انتقالة مهمة في حياة البلاد، وخاصة عندما أطلق في مطلع عام 2003 برنامجه الشهير "الجوع صفر"، أي "القضاء على الجوع" ظلّ لولا في الحكم حتى عام 2010 عندها شعر أهالي البرازيل بنوع من الخيبة،لأنّ الدستور لا يسمح لـ"رئيسهم المحبوب" بالبقاء رئيساً للبرازيل، قدّم صورة أخرى للزعامات في العالم، أعطى لشعبه، ازدهاراً لم يعرفه من قبل.... لم يكذب عليهم ولم يركب على أكتافهم.. وبينما يصرّ البعض على الاستمرار في السلطة حتى النفَس الأخير، مشى "لولا " حتى اليوم الأخير من حكمه مؤمناً بالدستور رافضاً أن يغيّره لصالحه فيبقى رئيساً مثلما يتمنّى معظم أهالي البرازيل.
للأسف البعض من سياسيينا لا يريدون لهذا الشعب أن يدخل مثل سائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الخوف وفقدان الأمن والأمان.. ياعزيزي المسؤول العراقي ، الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا أرقام الخراب وخرائط الفقـر والفساد!