علي حسين
كنت أنوي الكتابة عن النائب الهمام يحيى العيثاوي الذي يؤمن أن سلطته أعلى من سلطة القانون، وكنت مثلكم شاهدت الفيديو الذي يعتدي فيه هو وحمايته على أفراد الأمن، الكثير منكم ضرب كفاً بكف مستغرباً ما حدث، في الوقت الذي يدرك الجميع أن نوابنا الأفاضل يعتقدون أنهم فصيلة أخرى من البشر..
ولهذا قررت أن أترك العيثاوي وعضلاته، وأكتب عن ظاهرة مثيرة للأسى يستخدم أصحابها حزمة من التخريفات ، للإساءة إلى العراق، وتقديم صورة لبلد لا يجوز لأحد أن يزوره باستثناء المسؤولين الايرانيين. فى البداية كتب أحدهم أن خطاب وزير الخارجية الإيرانية كان هو الأهم لأنه جاء من مسؤول ينتمي إلى أمة عظيمة، في الوقت الذي سخر فيه من خطابات الآخرين على اعتبارهم ينتمون إلى أقوام لا تزال تعيش عصور الجاهلية.. طبعاً الكاتب لم يكلف نفسه ولو لدقائق للحديث عن العراق الذي أمضى قروناً يقدم عقولاً راقية . فيما كتب آخر ساخراً من الرئيس الفرنسي الذي جاء إلى العراق هرباً من زوجته، وأتحفنا صديق بن لادن الصحفي الانتهازي عبد الباري عطوان بمقالة يسخر فيها من العراق الذي سيتحول حسب قوله إلى أفغانستان جديدة، ويتساءل عطوان بكل دناءة: لماذا غاب رئيس وزراء إسرائيل عن القمة؟، والغريب أن هذا المقال حصد إعجاب عدد كبير من الذين يحملون الجنسية العراقية، لكنهم بالتاكيد يكرهون العراق.. فيما اتهم آخر ماكرون بالطائفية لأنه زار مدينة الكاظم، ناسياً أن هذه المدينة رمز عراقي خالص لا علاقة له بهلوسات الطائفيين.
وخرج علينا البعض ممن يضربون كفاً بكف وهم يقرأون أن الرجل الفرنسي سيقطع مئات الكيلومترات متحدياً فايروس كورونا لأنه يريد أن يتعلق ولو بقشة حتى لو كانت هذه القشة هي العراق لكي تنتشله في الانتخابات القادمة وتمنحه الفوز، في الوقت الذي خرج فيه "مفكر" يطالب بطرد الرئيس الفرنسي من العراق لأنه طامع في ثرواتنا ويريد أن يسرق التجربة العراقية في التنمية والاقتصاد الى بلاده فرنسا.
ذات يوم كانت بغداد منارة، تتلاقى فيها الحضارات وتتنافس عليها الأحلام والآمال.. ذلك عصر كان منظروه يريدون لبغداد أن تكون مدينة متعايشة، متسامحة، والأهم مدينة بعبق وألوان لوحات فائق حسن وعطا صبري وفرج عبو، مدينة بألوان من قوس قزح، وعمارة مكية والجادرجي ومظلوم والمدفعي وصوت عفيفة اسكندر وناظم الغزالي وزهور حسين والقبانجي الكبير .. ولهذا ساظل مؤمن بان بغداد هي عاصمة العالم مثلما وصفها حاكم دبي محمد بن راشد بكل محبة .