TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > معنى القراءة .. هل يكون القراء المعنى؟

معنى القراءة .. هل يكون القراء المعنى؟

نشر في: 5 يونيو, 2010: 04:21 م

 روبرت كروسمانترجمة حسن كاظمان هذا السؤال نفسه مبهم وغامض بشكل مزعج، ومع ذلك فهو قريب لدرجة تمكنني من ان اعبر عما يبدو لي هو المسألة المركزية في النظرية الادبية اليوم، وحينما يدعو جوناثان طلر الى "نظرية القراءة" ويتحدث تانلي فش عن "جماعيات القراءة" و"ستراتجيات القراءة"  ويعلن جاك دريدا ان "القارئ يكتب النص".
 فإنهم كلهم وبدرجات متفاوتة، يجيبون بالايجاب، وحينما يرى منظرون اخرون –واين بوث، وإ.د.هيرش واخرون كثيرون –الانانوية والفوضى الاخلاقية في مثل هذا الجواب، فإنهم ايضا يشهدون على اهمية القضية بالنسبة للمنظرين من النقاد المعاصرين، وفي الصف الدراسي ايضا، فان نوع ومدى سلطة المعلم في مواد التأويل تبقى سارية سواء أكان القراء يكونون المعنى الادبي ام لا، فالسؤال يلح حتى يفرض نفسه مهما كان مركبا. واذا لم نستطع ان نجيب عن السؤال مباشرة ، فان المشكلة تقع بشكل رئيس على ما اعتقد، في كلمة المعنى التي لها بضع دلالات متضاربة، اولا  غالبا ما نستخدم الكلمة كمرادف لـ القصد مثل: "اذا فهمت ما اعنيه"، "ما اعنيه كان.." وعلى نحو واضح فان المتكلم او كاتب الكلمات هو صانعها، وعليه فهو مصدار القصد الذي يسبق او يرافق صنعها، ولكننا مرة ثانية، غالبا ما نعزو "المعنى" الى الكلمات نفسها، ونقول ان الاطناب "يعني" الكلام الكثير ، او ان الثلج "يعني" ماء منجمدا ، وهنا لايبدو ان دلالة الكلمة معنى هي ما يقصده متكلم محدد، وإنما ما يفهمه عامة عامة الناس من خلال كلمة ما، واخيرا يمكن ان تعني كلمة معنى القيمة التي نعزوها لشيء ما-"انه يعني لي الشيء الكثير" وباختصار فان الكلمة يمكن ان ترمز الى قصد المتكلم والى فهم سائد او الى تقييم شخصي لفرد بشأن شيء ما، واستنادا الى كيفية استخدامنا او فهمنا للكلمة، ستكون لنا اجوبة مختلفة عن مسألة ما اذا كان القراء يكونون المعنى. ان المأزق لايقتصر على غير المتخصص ن وحين كتب س.ك اوجدن واي، ريتشاردز كتاب معنى المعنى عام 1923 كان للقضية تاريخ طويل ، وبقي الجدال حادا او هائجا بين فلاسفة اللغة ومنهم هـ .ب. غرايس، و ب. ف.  ستراوسن، وجون سيرل، وماكس بلاك ، ويقترح هيرش الذي عمل اكثر من  غيره في المجتمع الادبي ليطابق كلمة معنى بقصد المؤلف، ان يدعو المعنى بالنسبة للقارئ بكلمة اخرى هي دلالة "المعنى الفظي هو أي شيء يرغب شخص ما في نقله عن طريق متتالية خاصة من العلامات اللغوية، ويمكن ان ينقل (يكون مشتركا) بوساطة تلك العلامات اللغوية". وفي الكتاب الحالي.. يشير مصطلح "معنى" الى المعنى اللفظي الكلي لنص ما، ويشير م صطلح دلالة الى المعنى النصي فيما يتعلق بسباق اكبر، أي بذهن اخر، وحقبة اخرى، ومادة موضوع اوسع، ونظام غريب من القيم وهلم جرا، وبكلمات اخر، فان "الدلالة" هي معنى نصي بمقدار تعلقها بسياق معين، وفي الحقيقة بمقدار تعلقها بأي سياق خارج نفسه".  وبطبيعة الحال ، اذا ما اشترطنا سلفا اننا سنفهم "قصد المؤلف" عن طريق "المعنى" ، فيتبع ذلك، منطقياً ان القراء لايكونون المعنى، ومع ذلك ، فان هيرش يناقض نفسه في هذين التعريفين للمعنى، مؤكدا في الاول ان الكلمات تعني شيئا ما، فقط، في سياق ذهن قصدي "المعنى اللفظي هو أي شيء يرغب شخص ما في نقله" ، ومدعيا في الثاني انها تعني شيئا ما بمعزل عن أي "سياق اكبر" (ما دام معناها في أي سياق اكبر ليس هو المعنى ولكن "الدلالة significance"). أتوخى، في هذه المقالة، الرد على تأكيد هيرش ان المؤلفين يكونون المعنى بقلب مجادلته رأساً على عقب، وسأجادل في ان لأية كلمة او نص "معنى" حينما تكون مندرجة في سياق اكبر فقط، وهكذا ، فان فعل فهم كلمات الشاعر عن طريق وضعها في سياق مقاصده هو طريق من عدد الطرائق الممكنة لفهمها، تتمتع هذه الطريقة في الوصول الى "معناها" (الكلمات) بامتياز عن طريق كل من الموروث الممتد واهتمامنا المشترك باذهان المؤلفين، ولكنها ليست باية حال، تخلف او تسبق مناهج اخرى للتأويل هي، على حد سواء، اجراءات سباقية، وهكذا آمل ان ابين ان عبارة "المؤلفون يكونون المعنى" برغم انها صحيحة طبعا، هي مجرد حالة خاصة لحقيقة اشمل مفادها ان القراء يكونون المعنى. وبوصفنا قراء، فأن الفكرة التي مفادها اننا مقيدون في تأويلنا بتأويل المؤلف الخاص تتخللها صعوبات متلازمة، وليس لنا، في اغلب النصوص، تصريح من المؤلف حول معناها، واذا كان لنا مثل هذا التصريح، فإنه يميل الى الغموض والتناقض ، ويجب ان يكون خاضعاً لعملية تأويل القارئ نفسها التي كنا نحاول ان نتجنبها في المقام الاول، واذا ما وجب علينا ان نستنتج قصداً، ما من وقائع حياة المؤلف، فينبغي ان ندرس سيرة حياته، وبطبيعة الحال، يستنتج كتاب سيرة الحياة مقاصد مختلفة، وايما كاتب سيرة نقرر ان نثق به فإن رأيه سيكون، مرة ثانية، نصاً سيتعين علينا ان نؤوله، وسيفضي هذا، منطقياً الى ارتداء غير محدود يمكن ان يوقفه فعل الارادة فقط، بمعنى اننا نصل الى

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram