TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الذين حيّروا الطب النفسي

العمود الثامن: الذين حيّروا الطب النفسي

نشر في: 31 أغسطس, 2021: 11:32 م

 علي حسين

ظل شيخ علماء النفس "فرويد" مصراً إلى آخر يوم في حياته على تقسيم حالتنا الحياتية إلى ثلاثة أقسام: ما قبل الوعي، ثم الوعي، ثم اللاوعي.. ولو تسنى له أن يعيش بيننا اليوم لتحدث عن حالة مابعد اللاوعي التي تصيب معظم "جهابذة" السياسة في بلاد الرافدين، وهم يتحدثون عن ملفات مثل النزاهة والفشل الأمني وتبديد الثروات وإقصاء الكفاءات. لعل أسوأ فعل يمكن أن يقوم به المسؤول هو ممارسة إنكار الواقع وعدم الاعتراف بالحقيقة..

حالة "الإنكار" التي يمارسها معظم ساستنا ومسؤولونا "الأفاضل"، هي ظاهرة ليست وليدة المرحلة الراهنة ولكنها والحمد لله ترسخت منذ عقود.. حتى وجدنا مسؤولاً مهمته متابعة ملفات الفساد يخرج علينا بكل صلافة ليقول "ماكو"، "لا فساد حقيقياً في العراق بل أشكال بسيطة من الرشوة في الدوائر الخدمية".

من هو الحرامي ومن هو النزيه؟ سؤال يحيرني كلما طالعت تصريحات لكبار المسؤولين تتحدث عن محاربة الفساد الإداري والمالي وتدعو لاتخاذ إجراءات حاسمة تحد من انتشاره، والمعركة مع الفساد لم تبدأ اليوم ولن تنتهي اليوم أيضاً، فما دام هناك مال سائب ستجد اللصوص يحومون حوله، بل يذهب البعض إلى إصدار فتاوى تبيح سرقة المال العام باعتبار أن القائمين عليه لا تهمهم مصلحة الناس، فشاهدنا ولأول مرة مستشفيات تُسرق ومدارس ومؤسسات حكومية تُنهب.

المواطن يتساءل لماذا أنتجت دولتنا وزراء فاسدين؟، لماذا أصبحت النزاهة حالة استثنائية أصحابها شواذ ومروجوها، إن وجدوا، فإنهم لا يعدون سوى حالات استثنائية؟.

ممارسة السرقة أصبحت أمراً طبيعياً ما دام المسؤول لا يحاسب وأقصى ما يتعرض له الإقالة مع حفظ حقوقه التقاعدية، وزراء ومسؤولون سرقوا من مال البلد أكثر من ميزانيات دول الجوار مجتمعة وغادروا من غير أن يُقتص منهم، وأكل الفاسدون من أموال الناس ما لم تأكله شعوب أفريقيا مجتمعة، لأول مرة في تاريخ النظم السياسية نجد ساسة يغادرون البلد حال فشلهم في الحصول على منصب جديد، فما الذي يبقيهم وأموالهم وقصورهم ومشاريعهم في الخارج؟!. كانت مشكلة بعض مدعي السياسة، العثور على سكن مناسب وإذا بهم اليوم بعد دخول الحكومة والبرلمان يملكون القصور والشقق في لبنان ودبي ولندن.

تخيلوا لو أن مسؤولاً عراقياً اتهم بالفساد وسرقة المال العام، ماذا كان سيفعل؟ حتماً سيصف متهميه "بالجوكرية" وبأنهم يريدون تسليم العراق إلى الإمبريالية، وأن هناك مخططاً تقوده الصهيونية ومعها القوى المدنية لتشويه سمعته، ولصرخ بصوتٍ عالٍ أنه باقٍ في منصبه إرضاءً للجماهير التي لا تنام، إلا وهي تضع صورته تحت الوسادة. هذه هي الحالة العراقية التي سيعجز عن إيجاد تفسير لها حتى "المرحوم" فرويد نفسه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram