عمـار سـاطع
بعيداً عن لغة التوقعات التي يذهب اليها الكثير من المولعين والمتابعين، قبيل كل موقعة ومناسبة كروية، تكون ذات صلة مباشرة بمنتخبنا الوطني، فإن من المهم جداً، بل والمنطقي أن نكتب بإتجاه تحفيز اللاعبين ومؤازرتهم معنوياً وشدّ هممهم، على أمل الارتقاء بروحية فريقنا، وهو الذي يبدأ مشواره في التصفيات الآسيوية الحاسمة المؤهّلة الى مونديال قطر 2022!
البداية دائماً ما تكون مُربكة، مليئة بالحساسية، خاصة وأن الخصم سيكون أحد المنافسين الأقوياء على الصعيد القاري، بل هو أكثر منتخبات القارة الصفراء استقراراً من الناحية الفنية، إن لم يكن أفضلهم على صعيد الثبات في نتائجه، ووصوله لتسع مرات متتالية في آخر تسع نسخ من المونديال بدأ من المكسيك عام 1986، حتى انه أصبح ضيفاً مؤثراً يملك هوية وسمعة كبيرتين على الصعيد العالمي!
هذا كله الى جانب المنتخب الكوري الجنوبي سيلعب مباراته اليوم أمام، أسود الرافدين، على أرضه، أي بمعنى أنه يملك ميزة مهمة، قد يفتقر اليها فريقنا في ظل الأجواء العامة وحالة الطقس التي قد تميل كفتها لصالح اصحاب الأرض، مع التأكيد أن حالة الانسجام والفعّالية والاستقرار متواجدة مع فتية المدرب البرتغالي باولو بينتو، الذي قادهم في المرحلة الأولى من عُمر التصفيات، وهو ما يعني أن صفة الانسجام سَتَلغب على واقع المواجهة من الجانب الكوري!
أقول كل ذلك عن المنافس الكوري من باب أن نعرف منافسنا اللدود في المجموعة، وليس بهدف التقليل أو الانتقاص أو ارباك حسابات منتخبنا الوطني، لا أبداً، انما للتنويه وأعطاء الأولوية للفريق الأقوى في المجموعة، ومعرفة واقعه الفني ووضعه على المحك أمام أفذاذ لاعبينا الذين سيكونوا على الموعد بكل تأكيد وهم يفتتحون مشوارهم في رحلة البحث عن بطاقة الوصول الى كأس العالم المرتقبة!
ففريقنا الذي سيقوده أحد أبرز المدربين حنكة وتجربة الى جانب درايته، بالمنافس تحديداً، ألا وهو الهولندي المخضرم، ديك أدفوكات، يملك أدوات مؤثرة ولاعبين على مستوى عالٍ من الامكانيات، بل إن فريقنا الوطني هو خليط مكتمل الصفوف من حيث أبرز لاعبي الدوري وأكثر اللاعبين المغتربين والمحترفين ممّن يتوزّعون على رقعة دوريات الكرة المختلفة، برغم حالة الغيابات التي يعاني منها منتخبنا في باكورة مشواره!
وعلى أغلب الظن، فإن معسكري منتخبنا الوطني اللذين أقيما في مدينتي ملقة الاسبانية وقيصري التركية، منحا أدفوكات فرصة جيدة للاطلاع على مستوى اللاعبين الذين تم استدعاؤهم أو ممّن أتيحت له امكانية المشاركة فيه وخوض المباريات التجريبية، برغم قصر مدة التجمّعيين ومستوى المنافسين الفنية وضغطه بشكلٍ او بآخر، إلا أنه عاد بكل تأكيد بالفائدة على اللاعبين وأعطت صورة دقيقة للجهاز الفني على الشكل أو الاسلوب الأنجع الذي سيخوض به مواجهتي كوريا الجنوبية، وإيران يوم الثلاثاء المقبل، أو الطريقة التي يعتمدها للدخول في معركة التحدّي لخطف إحدى بطاقتي التأهل المباشرة الى الدوحة العام المقبل!
ما مطلوب من لاعبينا اليوم هو أن يظهروا بالشكل الذي يعيد لهم الثقة بأنفسهم، عقب ختام مشواره بالتصفيات الأولية وظهورهم مرتبكين وبعيدين عن هويتهم التي عرفها عنهم الجميع، في تجمع المنامة قبل ثلاثة أشهر، وعليهم أن يكونوا - اليوم - مبادرين بالانطلاقة والمنافسة ويرفعون شعار (نحنُ هنا) دلالة منهم على إيمانهم بمشروع التحدّي الحقيقي صوب التأهل!
وفي تصوّرنا الشخصي، أن منتخبنا بحاجة كبيرة لتغيير واقع أسلوبه التكتيكي، واستبدال لونه الذي لعب فيه إبَّان فترة كاتانيتش الذي أفتقر الى الهوية الفعلية لأسود الرافدين، وهضم الأسلوب الهولندي حيث الانتعاش باللعب الجماعي والاحتفاظ بهيبة الفريق، بعيداً عن التخوّف أو التشنّج الذي غلب على خطوطه في المدة الماضية، خاصة وأن ما نملكهُ من أسماء مهمّة تدعونا الى عدم القلق على نتيجة المباراة، في ظل تواجد لاعبين لهم صولات وجولات وتجارب يجب الإشادة بها!
أقول.. علينا أن نُفكّر في مباغتة الشمشون الكوري، وتحقيق المفاجأة المدوّية في المجموعة، أو الخروج بنتيجة مُرضية للطموحات مُلبّية للتطلّعات، مع الأخذ بنظر الاعتبار الفوارق التي ذكرناها، برغم أن تشكيلتنا فيها جيلاً يعتبر الأجدر والأحسن، وأفراده مكتملين في مواصفاتهم وروحهم القتالية العالية!
نأمل من لاعبينا تجاوز أخطاء الماضي، وتحقيق حالة الثبات في سيئول، والتغلّب على كل العوامل التي قد تواجهم من منافس يُرجِّح المنتخب العراقي بأنه المنافس الأقوى له في المجموعة وليس غيره، وعهدنا بالأسود أن تسود اليوم في سيئول!