وديع غزوانبدخول القوات الإيرانية الى عمق كيلو مترين في الأراضي العراقية في إقليم كردستان، واستمرار قصفها المدفعي المناطق الحدودية، تكون قد عبرت، ومع الأسف، عن عدم احترامها لأبسط ما تتطلبه علاقات الجيرة من احترام متبادل وحرص على تعزيز ما بيننا من روابط ،كان يفترض ان تؤخذ بنظر الاعتبار عند التفكير بالقيام بمثل هكذا عمليات عسكرية.
لن نتحدث هنا عن القوانين والأعراف الدولية، لان عالم اليوم أكد وبالتجربة انها لا تطول الأقوياء او من يستظلون بحمايتهم، وممارسات (إسرائيل) اكبر دليل على ذلك، بل نحن هنا نذكر المسؤولين بحجم وسعة العلا قات وحرص حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية على تطويرها و كمية البضائع والسلع الإيرانية التي تدخل العراق وما تدره من منافع اقتصادية على الجارة إيران، حرص العراق على استمرارها وهو يرى أراضيه تقصف وأبناءه يشردون تاركين مساكنهم ومزارعهم وراء ظهورهم هرباً من قصف لا يرحم ولا يفرق بين شيخ وطفل وامرأة.كنا نتمنى ان يلتفت المعنيون في الامر بإيران إلى حجم المصالح التجارية وحسب اذا لم يعودوا يكترثون، كما يبدو، بطبيعة علاقة الشعبين بمختلف مكوناتهما عبر التاريخ، التي بقيت صامدة وقوية رغم كل محاولات البعض من تعكيرها .فمعروف انه حتى في اوج تأزم العلاقات التي كانت تحصل قبل 2003 بين الطرفين، فان شعوب الدولتين كانت تستنبط الوسائل وتقتنص الفرص لإدامة روح التواصل والألفة والإخوة غير مكترثة بخلافات الأنظمة وصراعاتها .وبصراحة فإننا لا نجد تبريراً منطقياً لتجاهل إيران لمناشدات حكومة الإقليم واستنكارها وشجبها مع الحكومة الاتحادية للعمليات العسكرية وطلبهما إيقافها، ولا نريد ان نناقش حججهم الواهية بمطاردة عناصر من حزب الحياة المعارض، لاننا على ثقة بانهم يعرفون قبل غيرهم ان ما يمارس من اعمال عسكرية هو عدوان بكل ما تعنيه الكلمة.لسنا هنا في معرض تصعيد الموقف انطلاقاً من قناعتنا بان تجربة السنوات الثماني القاسية من 1980الى 1988 درس بليغ بان نهج استخدام القوة العسكرية والعدوان لا يجر سوى الدمار والخراب ومشاكل لا حصر لها لكل الأطراف، كما ان تجربة الحروب التي جرت في كل العالم أثبتت ان ليس هنالك من منتصر فيها مهما بلغت قوة أي طرف.لقد حرصنا في العراق وبشكل خاص منذ 2003، وانطلاقاً من قناعتنا بضرورة التوجه الفعلي للبناء والاعمار، على التوجه في بناء علاقاتنا مع دول العالم كافة خاصة دول الجوار، من منطلق الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم السماح باستخدام أراضينا منطلقاً للعدوان وتحملنا في سبيل ذلك الكثير من التضحيات ونزفنا دماءً عزيزة بفعل استخدام البعض ساحتنا الداخلية مكاناً لتصفية حساباتهم، وبدلاً من ان يرد البعض جميل تضحياتنا بموقف ايجابي كما يفترض، صار يمعن أكثر ويتفنن لإلحاق الأذى بشعبنا ،وكأن قدرنا ان نبقى نتحمل أذى الجيران وتجاوزاتهم علينا قديماً وحديثاً.ما نريده حقاً من إيران وسواها ان يراجعوا بموضوعية سلوكياتهم إزاء العراق ومدى ما يمكن ان تسببه من عقد وانعكاسات سلبية لا نريدها او نتمناها.. سلوكيات وممارسات تشوه ما نسعى اليه من تجاوز عقد الماضي والتوجه لبناء علاقات مبنية على الثقة والاحترام وعدم استغلال الظروف لإلحاق الأذى بالآخر.فيا جيراننا كفوا الأذى عنا يرحمكم الله!
كردستانيات: الاعتداءات الإيرانية مرة أخرى
نشر في: 5 يونيو, 2010: 05:43 م