TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عشائر وقبور!!

العمود الثامن: عشائر وقبور!!

نشر في: 4 سبتمبر, 2021: 11:18 م

 علي حسين

عندما نشاهد ونسمع عن أن معركة بالأسلحة الثقيلة تحدث بين عشيرتين في بغداد، للسيطرة على متنزه حكومي، وعندما تقوم عشيرة بتعليق لافتة مكتوب عليها "مطلوب عشائرياً" على موقع إحدى شركات النفط ، وعندما تقرر عشائر أن تخوض معاركها داخل المستشفيات تحت أنظار المسؤولين، وعندما يلجأ الجميع إلى قانون "الكوامة العشائرية"، عليك عزيزي المواطن أن تدرك أنك لا تعيش تحت ظل دولة لها مؤسسات وأجهزة أمنية، وإنما في ظل قبائل وجِهات عشائرية، تجد أن عَلَمَها وقانونها أهم وأبقى من عَلَم وقانون الدولة .

عندما بدأنا نقرأ في الصحف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ونشاهد في الفضائيات عناوين "مطلوب عشائرياً"، و"كوامة عشائرية"، فإننا أيقنّا جيداً أن الخراب قد حلّ، وعندما أصر البرلمان على إصدار قانون العشائر بدلاً من قوانين لتطوير التعليم والضمان الصحي.

دعونا لا نبحث عن مبررات لما يجري من خراب وفشل وفقر وبطالة وسرقة للثروات، ماذا يعني لساكني المنطقة الخضراء أن أكثر من نصف الشعب يعانون العوز وغياب الخدمات؟ لا شيء مهماً مادام هناك في البرلمان من يعتقد أن العالم يتآمر على التجربة العراقية العظيمة !

ماذا تعني الديمقراطية في بلد يلجأ كل نائب فيه إلى أهله وعشيرته وأقربائه، لكنه في الفضائيات يصدح بأفخم العبارات عن الدولة المدنية والمواطنة؟

في كل يوم يسيء ساستنا إلى الديمقراطية، عندما يعتقدون أنها تعني بناء دولة القبائل والأحزاب المتصارعة والطوائف المتقاتلة.

الجزء الأكبر من أخبار هذه البلاد مضحك، وكان أشدّها سخريةً هو القرار الاستثماري الكبير بإنشاء مقبرة النجف النموذجية، لأنها حسب القائمين عليها ستوفر قبوراً مريحة للعراقيين. أعرف القليل جداً عن "عبقرية" القائمين على مشاريع الاستثمار.. لكنني أعرف أن السخرية بالمواطن البسيط وصلت إلى حد لا يحتمل. تصور جنابك مشروعاً للقبور، ولا مشاريع للأحياء ، ولايهم غياب الكهرباء، وارتفاع الأسعار، والبطالة التي ضربت أرقاماً قياسية، وانعدام الضمان الصحي والفقر وانتشار حالات الانتحار، فهي أمور تحلّ بالصبر وانتظار الآخرة وحجز قبر نموذجي، فنحن لسنا طلاب دنيا.. الدنيا وجدت لناهبي ثروات البلاد.

عندما تُقسِّم البلدان إلى قبائل وطوائف، فإنك بالتأكيد تصرّ على أنّ هذه البلاد ليست دولة مؤسسات، ولا وطناً، لكن ماذا عن الذين يريدون أن يفرضوا قناعاتهم الطائفية على شعب بأكمله؟ الجواب ربما نجده عند العشائر التي قطعت طريق بغداد الحلة امس .

أعرف القليل جداً عن السادة الذين يصرّون على أن يحوّلوا العراق إلى دولة طائفية، لأن معرفتهم لا تفيد في شيء، لكني أعرف جيداً أنّ العراق تحوّل من دولة مؤسسات إلى دولة تحتفل بقانون العشائر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram