 خاص/ ذي قار

بدأت ظاهرة تجارة المخدرات تأخذ منحاً خطيراً في المناطق الجنوبية من البلاد خلال السنوات الأخيرة، فيما بات تجارها يتزايدون يوماً بعد آخر، فضلا عن امتلاكهم أسلحة متوسطة وخفيفة يدخلون فيها باشتباكات مسلحة مع القوات الأمنية بين الحين والآخر ويتسببون بخسائر فادحة لهم سواء بالأرواح أو المعدات.

ويقول مدير إعلام شرطة ذي قار، العميد فؤاد كريم، إن "الأجهزة الأمنية تمكنت خلال الأشهر القليلة الماضية من اعتقال أكثر من 300 متاجر ومتعاط للمخدرات خلال حملات أمنية".

وتابع كريم في حديث إلى (المدى)، أن "مديرية شرطة ذي قار ألقت القبض على أكثر من 331 متاجر ومتعاطي للمخدرات ممن عليهم أوامر إلقاء قبض خلال فترة الستة أشهر الماضية من العام الحالي منهم 171 متهما صادرة عليهم أحكام قضائية".

وأشار، إلى أن "الكميات التي ضبطت بحوزتهم وصادرتها الشرطة بلغت نحو 14 كغم من الكريستال و1.5 كغم من الحشيش، فضلا عن آلاف الحبوب المخدرة، إضافة لمصادرة كميات من الأسلحة بحوزتهم".

وبين كريم، أن "أغلب المتهمين هم من المتعاطين وليسوا تجاراً"، ورأى أن "تجارة المخدرات قليلة في المحافظة كونها غير حدودية فضلا عن انتشار السيطرات الأمنية والتفتيش في مداخل المحافظة".

وأكد، أن "المتاجرين يتبعون طرقا جديدة في تجارتهم وكيفية إدخال المخدرات للمحافظة، وغالباً ما يتم استخدام الطرق النيسمية".

ولفت كريم، إلى أن "النسبة الحالية بين أعمار المتاجرين بالمخدرات تتراوح بين 40 و 50 سنة، أما المتعاطين فاغلبهم من شريحة الشباب". ونوه، إلى أن "مكافحة المخدرات مهمة قسم مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التي أدت دوراً كبيراً، أسهم ذلك بحصولها على تقدير جيد من قبل وزارة الداخلية بهذا الشأن".

من جانبه، ذكر أستاذ علم الاجتماع في جامعة ذي قار عدي بجاي في حديث إلى (المدى)، أن "أسباباً عديدة وراء انتشار المخدرات منها عدم وجود المؤسسات الترفيهية، وعدم وجود دور للمؤسسات التربوية والتعليمية".

وتحدث بجاي، عن "جوانب اقتصادية ونفسية تقف أيضاً وراء انتشار ظاهرة التعاطي بين صفوف الشباب".

وشدد، على أن "قضية المخدرات تعدّ مكلفة كالترويج والتوزيع بالنسبة لموزعي المخدرات، وقد أثرت بشكل سلبي على مجمل الشباب".

من جانبه، يقول رئيس قسم الصحة النفسية في دائرة صحة ذي قار، إبراهيم الصائغ، إن "انتشار ظاهرة المخدرات في محافظة ذي قار لها أسباب مختلفة منها اقتصادية كالفقر والتجارة واجتماعية كالتفكك الأسري".

وتابع الصائع في حديث إلى (المدى)، أن "جانبا آخر يتعلق بالسلطة العامة، مثل ضعف تنفيذ القانون وتهديد الشخصيات الأمنية المختصة بمكافحة المخدرات".

ونوه، إلى أن "دخول المخدرات إلى المحافظة يأتي من الموقع الجغرافي للبلد الذي يقع على ممر معروف للمخدرات". ويجد الصائع، أنه "للتخلص من هذه الظاهرة الخطيرة فأن الحلول تبدأ من الأسرة للحفاظ على أبنائها ومراقبتهم وتبليغ ذويهم سريعاً بأي حالة اشتباه، والإسراع بعلاج المدمن".

ودعا الصائع، الحكومة إلى "إنشاء مركز متخصص لعلاج الإدمان في كل محافظة"، منبهاً إلى أن "من الحلول هو تكريم وحماية أفراد مكافحة المخدرات وفرض العقوبة القاسية على التجار والمروجين".

ونفى، "امتلاك دائرة الصحة في ذي قار إحصاءات دقيقة عن المتعاطي"، مستدركاً "بشكل عام فأن أعمارهم يتراوح بين 20 إلى 30 عاماً".

وخلص الصائغ بالقول، إلى أن "من مخاطر هذه الظاهرة هو الانحلال الأسري، وتفشي العنف داخل العائلة وتوسع ظاهرة الطلاق، فضلاً عن المشاكل القانونية وكذلك المساهمة بتفكك المجتمع".

إلى ذلك، ذكر عالم الدين الشيخ حسين العنزي في حديث إلى (المدى)، أن" الحكم الشرعي في استعمال ظاهرة المخدرات والترياق ومشتقاته، واضح وهو (حرام)".

وتابع العنزي، أن "بيع وتهريب المخدرات وأموالها سحت"، مشدداً على ضرورة "إخبار السلطات عن الذين يساهمون في عمليات تهريب المخدرات".

وطالب، بـ "مقاطعة المروجين للمخدرات اجتماعياً، عسى أن يكون ذلك سبباً لنهيهم عن هذا الفعل بالنسبة للشارع المقدس الذي حرم كل أنواع المخدرات الا التي يأمر الطبيب بها للعلاج الطبي في حالة الضرورة وأما غيره فيحرم تناوله مطلقاً".

وأعرب عن أسفه، كون "المخدرات تسببت بانحراف الكثير من الشباب، ودفعتهم إلى ارتكاب الجرائم وقضت على مستقبلهم وساهمت بشكل كبير في تدمير المجتمع وكل يوم نسمع الكثير من القصص التي لا تناسب ولا تلائم المجتمع العراقي".

ومضى العنزي إلى "الحاجة لعمل مشترك تساهم فيه كل فئات المجتمع الهدف منه التوعية من هذا الخطر الذي بدأ بالانتشار عبر إقامة الندوات والورش وإشراك الشباب بها للتحذير من هذه الظاهرة".

وكان آخر حكم قضائي تم الإعلان عنه نهاية الأسبوع الماضي بالسجن عشر سنوات بحق مدان من محافظة ذي قار بالمتاجرة بالمخدرات، مع غرامة قدرها عشرة ملايين دينار.