TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > قصة تنظيم الضباط الأحرار في العراق

قصة تنظيم الضباط الأحرار في العراق

نشر في: 6 يونيو, 2010: 05:00 م

د. هادي حسن عليوي عند دراسة حركة الضباط الأحرار داخل الجيش العراقي لا يمكن فصلها عن الواقع السياسي العراقي ، وتأثرها بالمشاكل والأوضاع السيئة التي كان يعانيها الشعب العراقي لان أفراد الجيش هم من أبناء هذا الشعب ومن طبقاته المختلفة،
لذا فانهم يحسون بهذه المشاكل والأوضاع المتردية بكل تفاصيلها ، من هنا شعر الضباط في الجيش بمسؤوليتهم تجاه وطنهم وشعبهم وضرورة تنظيم أنفسهم للعمل على التخلص من الزمرة الحاكمة التي طالما أرهقت كاهل الشعب بمتطلباتها ورفاهيتها على حساب آلامه واحزانه . وقد بدأت عوامل عديدة تؤدي دورها في جر الجيش إلى معترك الحياة السياسية منها الحرب العراقية – البريطانية عام 1941 وإعدام ضباط حركة مايس عام 1941 ، كما أن هزيمة العرب في حرب 1948 مع الصهاينة في فلسطين اسهمت في تصعيد المد الوطني والقومي بين صفوف الضباط في الجيش العراقي ، ثم جاءت ثورة (23 تموز 1952 ) في مصر بقيادة تنظيم الضباط الأحرار المصري لتكون الحافز الكبير الذي اسهم في رفع الخوف والتردد من نفوس الضباط العراقيين ثم كانت انتفاضة تشرين الثاني 1952 التي أكدت ضرورة إيجاد الحكم الصالح الذي يحقق مطالب الشعب العراقي بالحرية والحياة الحرة الكريمة والتخلص من نظام عبد الإله ونوري السعيد الممثل للمصالح   الاستعمارية الأجنبية . لقد ادت عوامل ودوافع عديدة دورها في جعل بعض الضباط يفكرون في تأسيس تنظيم عسكري لإسقاط النظام الملكي وأهمها :- 1.طموح هؤلاء الضباط إلى الإصلاح والنهوض بالبلاد وتخليصها من أوضاعها المتردية وتحقيق إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وللوصول إلى هذه الأفكار يجب الوصول إلى الحكم ولا يكون ذلك إلا بالثورة المسلحة ، كما أن استخدام السلطات الحاكمة للجيش قوة مساندة للشرطة لقمع الانتفاضات الوطنية أدى إلى سخط أفراد الجيش ، ويقينهم أن الأحزاب والعمال والفلاحين والطلاب لا يستطيعون التخلص من هذا الحكم بالطرق السلمية ، إلا أن انتفاضات العمال والفلاحين والطلاب هي التي مهدت الطريق لعمل الضباط الأحرار وسهلت عمل الجيش للثورة في 14 تموز 1958 وهذا واضح في البيان الأول للثورة.2.موقف الحكومة العراقية من حرب فلسطين والتوقف المستغرب لعمليات القوات العراقية في فترة حرجة من فترات الحرب اثر بشكل كبير في معنويات الضباط العراقيين ، وكشف لهم تآمر العائلة الهاشمية ضد القضية العربية.3.تشبع اكثر الضباط العراقيين بالروح القومية ورغبتهم في تحقيق الوحدة العربية وسخطهم من موقف الحكومة العراقية من العدوان الثلاثي على مصر في أزمة السويس 1956 ، حيث رأوا فيه مساسا لكرامتهم ، كما أن معارضة الضباط لحلف بغداد 1955 الذي حول العراق كله إلى قاعدة جوية بريطانية ، وكبل العراق بالقيود الاستعمارية يمكن أن تضاف دافعاً قوياً لقيام الضباط بثورتهم، لان هذا الحلف أقام ارتباطا وثيقا للعراق بسياسات الغرب عازلا إياه بشكل متعمد عن بقية العالم العربي ، ثم جاء الاتحاد مع الأردن في عام 1958 ، الرد الهاشمي على تأسيس الجمهورية العربية المتحدة بين سوريا ومصر فلم يزد ذلك إلا من حدة الاستياء بسبب الأعباء المالية المترتبة على العراق لدعم الجيش الأردني لا لشئ إلا لمصلحة الأسرة الحاكمة.هذه العوامل وغيرها من عوامل وأسباب كثيرة أسهمت في دفع الضباط إلى تنظيم أنفسهم وبناء قاعدة تنظيمية لعملهم لذا بدأت تظهر اجتماعات بين الضباط ثنائية وثلاثية وغيرها مما شكل خلايا تنظيمية داخل الجيش تعقد اجتماعات منتظمة لدراسة إمكانية القيام بالثورة ، أن جماعة رفعت الحاج سري أثبتت وجودها في أيلول 1952 ، وكانت اكثر الجماعات تنظيما وسعة في اتصالاتها مع الضباط الشباب في الجيش، وكان هدف هذه الخلايا هو قلب نظام الحكم الملكي في العراق وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في  البلاد.وكانت هذه الخلية تعمل على التشديد في اختيار الضباط للعمل حيث يتم ترشيح عدد من الضباط من مختلف الرتب والصنوف ممن تتوفر فيهم الكفاءة والإخلاص وتتم مفاتحتهم بحذر شديد ، وكان نظام العمل على أساس الخلايا ولم تكن للتنظيم هيأة أو خلية عليا تسيطر على إدارته وكان هدف التنظيم ضم اكبر عدد من الضباط إليه ولاسيما قادة الفرق والوحدات الفعالة الضاربة ، ولم توضع قواعد عامة لانتماء الضباط وان كانت هناك أهداف وطنية عامة يشترك فيها الضباط .في حزيران 1956 بدأ الضباط يجمعون صفوفهم ويعدون العدة لنشاطهم الثوري ، وانتظم بعضهم في وحدات صغيرة وكانت كل جماعة تلتف حول أحد الضباط الشباب ، واهم هذه الوحدات كانت الوحدة التي أصبحت فيما بعد نواة المنظمة المركزية التي كانت تعرف بمنظمة بغداد بقيادة محيي الدين عبد الحميد والتي كان رجب عبد المجيد يدير اجتماعاتها وينظم نشاطها فضلا عن توليه أمانة سرها ، وتأسست منظمة أخرى بقيادة عبد الكريم قاسم في المنصور ( إحدى ضواحي بغداد ) ، والتي اندمجت مع منظمة بغداد ، وانتشرت الخلايا والتنظيمات في أنحاء مختلفة من العراق.وفي كانون الأول 1956 عقد اجتماع مهم في دار الرائد الطيار المتقاعد محمد سبع البياتي في الاعظمية ، تقرر فيه تشكيل لجنه عليا للتنظيم تضم ( رجب عبد المج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram