TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على فكرة: ســـراب الأسـئــلـة

على فكرة: ســـراب الأسـئــلـة

نشر في: 7 سبتمبر, 2021: 11:19 م

 أحمد الزبيدي

على الرغم من المحاولات العلمية في الإجابة التجريدية عن التساؤل (ما الأدب) ؟ غير أنك تشمّ رائحة نسقية في الإجابات الفلسفية والمعرفية والثقافية والنقدية.. تغلًف المفهوم لتشذّب الدال من التجريد المطلق أو أنها تحاول أن تنتصر لرؤيتها عبر المصطلح لتخلق قانونًا يتحكم بالصياغة الأدبية من دون ضمانات نظرية لمدى صلاحية الاشتغال القانوني في العمل الإجرائي..

سؤال صاحب العقل النقدي في كل مراحله الفكرية.. ولعل اشكالية الإجابة عنه تشبه اشكالية البحث عن أصل الأدب ونشوئه؛ وقد تقترب هامة التساؤل الأدبي من هامة التساؤل اللغوي عن أصل اللغة

وما قبل السؤال عن الأدب هل يحق لنا أن نحدد المسؤول عن طرح التساؤل والمخوّل بالإجابة ؟ فمَنْ يسأل ؟ ومَنْ يجيب ؟ وهل تنوع مجالات الأدب واتجاهاته وتنوع النظريات والفلسفات المتناولة لمفهومه وماهيته وطبيعته وخصائصه.. هل اقتسمت ووزعت التساؤلات وإجاباتها بين رؤاها المتعددة ؟ وهل كل فرقة تعدّ نفسها الناجية بالأدب ؟ وفي نظرة فاحصة لتأريخ أدبنا ونقده الذي تشكل على وفق تصوّرات مختلفة: ذوقية وعلمية ومنطقية... نجد تعدد الرؤى المجتهدة في تحديد ماهية الأدب ؛ فالفكر المنطقي يحدده بأطر لغوية مادية وبتصورات استقرائية تقوم على المهيمن الأسلوبي بما يخدم التناظر اللغوي مع النص المقدس المتجرد عن تلك المحددات اللغوية والأسلوبية من دون نفي للتسربات الروحية بين النصين ولكن هذه الطاقات الروحية لا شأن لها بالتحديد العلمي ولا تتدخل في تأطير النوع ؛ وقد يكون الأمر منطقيًّا ما دامت غير خاضعة لسلطة العقل.. وهل يخضع الأدب _ أصلًا _ لسلطته ؟

ولعل أول تساؤل أثارته النظرية النقدية الحديثة: ما الذي يجعل من نصّ ما نصًّا أدبيًا ؟ ومن ثم جاءت (الأدبية) لتقوم على دراسة العناصر التي تجعل من الأدب أدبًا ومن هنا فإنها قامت على أسس علمية ذات مرجعيات فلسفية.. فالأدبية بوصفها مصطلحًا يردّها (إيخنباوم) إلى (ياكوبسن) باعتباره أول من نطق به ودعا إليه.. فكانت خطاطته الشهيرة واحدة من أبرز تصوراته المعرفية واللغوية حول مفهوم الأدب وماهيته.. ويرى النقاد أن أهم مدرستين انشغلتا في هذا المفهوم هما: ( أصحاب النقد الجديد) و (الشكلانيون الروس) والفرق بينهما هو أن المدرسة النقدية الجديدة قامت على معايير مطلقة وعامة تخص المصطلح الأدبي وظواهره على المستوى الكلي بينما توجه الشكلانيون إلى النسبية محاولين الإمساك بجوهر النظرية ومن هذا المنطلق نادى ياكوبسن بمقولته الشهيرة: إن موضوع الدراسة الأدبية ليس الأدب ككل ولكن خصائصه الأدبية بمعنى ما هي السمات التي إذا توافرت في عمل ما أصبح أدبا ؟ وعليه أخذ مفهوم الوجود المستقل للغة الأدبية يهيمن على المناهج النقدية النصية حتى شعر العقل النقدي باختناق المفهوم الأدبي بالقوانين اللغوية والمنطقية المتجردة التي صبت عليه لتنظم حركته ونبضه الجمالي ومحاولة قياسها بالآليات المنطقية فجاءت الدراسات الثقافية ليس فقط للكشف عن خفايا النص النسقية بل لتنقذه من الاختناق اللغوي والهيمنة العقلية.. وما دام الأدب منبثق من الموهبة فإن التساؤل غير المحدد في الإجابة يبقى يطارد الأدب من وادي عبقر إلى مرتفعات الفلسفة وناطحات المفاهيم العقلية.. وإذا كان _ حسب تصور شوبنهاور _ (الوعظ الأخلاقي أسهل من تأسيس الأخلاق).. فإن الانشغال النقدي في تفسير الظواهر الأدبية ووعظ الأدباء أسهل بكثير من اكتشاف (حقيقة الأدب )

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: ذهب نور وجاء زيد

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram