TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > من ذكريات د. صبري القباني في العراق

من ذكريات د. صبري القباني في العراق

نشر في: 6 يونيو, 2010: 05:03 م

طارق ابراهيميعد الطبيب الراحل صبري القباني (1908- 1973) من اكثر الاطباء العرب شهرة في الاوساط الطبية والثقافية وفي اوساط الناس عموماً فقد نشأت بينه وبين الاف القراء على اختلاف اعمارهم علاقة حميمة من خلال مجلته الشهرية (طبيبك معك)
 والتي اصدرها اول مرة عام 1956 ومؤلفاته العديدة واهمها ، (الغذاء لا الدواء). (حياتنا الجنسية) ، (اطفال تحت الطلب) ، (جمالك سيدتي) ، (اولادنا كيف نصارحهم) ، (قلوب الاطباء) ، (يوميات طبيب) وغيرها إضافة الى برامجه الاذاعية الناجحة واهمها (طبيبك وراء المذياع) و(طبيبك يتحدث اليك).*تسعة اعوام في العراق امضى الطبيب الراحل اكثر من اربعين عاما من حياته في ممارسة مهنة الطب، وكثيرون من ابناء هذا الجيل لايعرفون عنه كونه عمل طبيباً في العراق زهاء خمسة اعوام وذلك في اوائل الثلاثينيات حيث التحق بطبابة الجيش العراقي عام 1932 وبعد فترة نقل الى السلك المدني فعمل جراحاً في عدد من المستشفيات العراقية ثم عين رئيساً لصحة لواء الحلة (محافظة بابل) وفي عام 1936 نقل الى لواء اربيل حيث عمل طبيبا في مستشفى المدينة ثم اصبح طبيباً للمرحوم الملا ابو بكر افندي (1865 – 1942) ابرز وجهاء المدينة انذاك والذي خصص للدكتور القباني مرتباً شهريا مساوياً لما كان يتقاضاه من الدولة فاستقال من الوظيفية وبدأ يمارس عمله في عيادته الخاصة كطبيب متخصص بالامراض الداخلية، وبعد ان امضى خمسة اعوام في اربيل عاد الى دمشق اثر اخفاق ثورة مايس عام 1941. *كتابات في صحف الموصلوقد استعاد المرحوم القباني بعض ذكرياته عن فترة عمله في اربيل عبر مقابلة صحفية اجرتها معه مجلة (الاسبوع العربي) اللبنانية في كانون الاول عام 1966 حيث قال "ان عمله في اربيل كان غير مرهق والفراغ كبير فعكف على القراءة وكتب في صحف الموصل زوايا صغيرة ما اوقد في نفسه رغبة الكتابة والنشر..".  *صداقة مع مسعود محمد..ومن الذين عاصروا الطبيب الراحل وارتبطوا بعلاقة صداقة معه خلال فترة اقامته في اربيل السيد مسعود محمد (71 عاما) الشخصية الكردية المعروفة والوزير السابق والذي حدثني عن بعض ذكرياته معه وقد نشرت ذلك في كتابي الموسوم (شخصيات تتذكر) الذي صدر الجزء الاول منه عام 1988 حيث ذكر لي انه خلال فترة دراسته الثانوية باربيل في آواخر الثلاثينيات كان مقيماً في دار المرحوم الملا افندي وقال: (يومها كان المرحوم الدكتور صبري القباني يعمل طبيباً في مستشفى المدينة، وكان صديقاً وطبيباً للمرحوم الملا افندي ولعائلته وكثيراً ماكنا نلتقي معه انا والسيد عز الدين الملا نجل المرحوم افندي الذي اصبح فيما بعد وزيراً في العهد الملكي، وكنا نحضر الجلسات الاجتماعية التي كانت تعقد في بيته وكان القباني يضفي على تلك الجلسات روح المرح، واتذكر انه كان يملك مجموعة اسطوانات لاغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب لم نكن قد سمعناها فاستمتعنا بها انذاك). ويجد القارئ الى جانب هذا الكلام صورة تذكارية يبدو فيها السيدان مسعود محمود وعز الدين الملا مع المرحوم القباني وقد التقطت الصورة في نيسان عام 1937 اثناء القيام بسفرة ربيعية في ضواحي اربيل. ويذكر الاربيليون القدامى من معاصري القباني ان عيادته الخاصة انذاك كانت تقع قرب صيدلية الشمال التي ما تزال قائمة حتى الان وهي اقدم صيدليات المدينة حيث كان يمضي فيها اوقات فراغه ويتجاذب مع صاحبها الصيدلي المرحوم بولص مرزا اطراف الحديث عن شؤون الادوية يومذاك..كما يذكرون ايضاً ان زوجة القباني ووالدته رافقتاه خلال فترة اقامته في اربيل. *اغرب عملية ولادة في اربيل! في عام 1970 اصدر الدكتور القباني كتابا في بيروت بعنوان (يوميات طبيب) وقد تضمن خواطر ومفارقات وصوراً واقعية من الحياة والمجتمع سجلها استناداً الى خبرته وممارسته لمهنة الطب خلال الاعوام الكثيرة التي عالج فيها مرضاه وهم من جميع فئات الناس فخفف عن صدورهم اعباء المرض.. وفي واحدة من يومياته تلك والتي حملت عنوان (معركة في الظلام) تحدث المرحوم القباني عن احرج موقف تعرض له ذات يوم من شهر آب عام 1937 حين كان مقيما في اربيل. وخلاصته انه بعد ان اصبح موضع ثقة المدينة واهلها الذين صاروا يطرقون بابه طلبا للعلاج فقد جاءه ذات مساء رجل مستنجداً بأن زوجته في خطر وقد تعسرت ولادتها منذ ثلاثة ايام وهي بين الموت والحياة! فحمل حقيبته الطبية ورافق الرجل الى حيث داره وبعد ان اجرى الفحص التمهيدي السريع لزوجته التي كانت تئن نتيجة الام المخاض تبين له ان هناك نزفاً وحالة شاذة تعارض فيها الجنين بين اليمين واليسار ولم يبد سوى ذراعه التي اقتلعت نتيجة الجذب والشد وانها قاب قوسين او ادنى من الموت المحتم اذا لم تنقذ بتفتيت الجنين بعملية سريعة!!وحين افضى بهذه الحقيقة الى زوجها قال له بحزم انه لايسمح بذلك حتى لو فقد امرأته وان موتها خير من ان يشوب سمعته حديث الناس لانه اظهر غريبا على زوجته!!لقد كان الرجل من المحافظين على عاداتهم الموروثة وممن لايكشفون من نسائهم لبصر الطبيب سوى موضع الابرة ، بل لايسمحون له بأن يزرق مريضته الا من فوق العباءة!! كانت الزوجة المسكينة تقف على حافة الن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram