علاء المفرجي
يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لرحيل المخرج الامريكي سيدني لوميت، الذي يعتبر واحدا من أكبر مخرجي هوليوود الذين كانت لهم طريقة فردية ومتميزة في الإخراج. ومع انه لم يفز بجائزة الأوسكار، فأنه رشح خمس مرات، لكنه حصل عام 2005 عليها كجائزة تقدير لإنجازاته في عالم السينما. وكان المسرح من اول اعماله الفنية فاخرج فيما بعد، سينمائيا، عددا من المسرحيات كمسرحية تشيخوف
ولد لوميت في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا عام 1924، لأب احترف مهنة التمثيل ولأم احترفت فن الرقص، وكغيره من الفنانين ساعدته هذه الأجواء العائلية الفنية ان يقترب شيئآ فشيئآ من عالم الفن حتى دخل مسارح برودواي في الثلاثينات من القرن الماضي ليبدأ بعدها أولى خطواته السينمائية. لكن كممثل في فيلم يدعى One Third Of Nation عام 1939، ليواصل بعدها اعتلاء مسرح برودواي ممثلآ ومن ثم مخرجآ. وهنا تنتهي مرحلة بداياته الفنية الأولى.
في مطلع الخمسينات وقع لوميت عقدآ مع مؤسسة CBS التليفزيونية،وقام عام 1952 بإخراج الكثير من حلقات مسلسل الجرائم والتحقيقات Danger، وعدة مسلسلات ناجحة ليصبح أهم مخرج تليفزيوني في تلك الحقبة. وفي ال 1957 م جاءت الفرصة التي طالما انتظرها عندما اختاره الممثل الأسطورة هنري فوندا لأخراج فيلم 12 رجلا غاضبا الذي نجح نجاحآ باهرآ، وأصبح عن جدارة احد أهم أفلام هوليوود المهمة، وحقق حلم لوميت بالترشح للأوسكار وبأول عمل ينجزه للسينما، وهذه تعد سابقة وانجاز في حد ذاتها. وبعدها أمضى عقد الخمسينات بأفلام أقل مستوى باستثناء فيلم The Fugtive Kind عام1959 الذي جمعه مع العملاق مارلون براندو أحد خريجي أستوديو الممثل، حيث كان لوميت من أهم داعمي خريجي هذه المدرسة الكبيرة. ومن هنا يتضح لنا مدى اهتمامه بالجانب التمثيلي واتقان الأداء قبل كل شيء.
ومن أهم أعماله (النورس) (1968)، ومسرحية يوجين اونويل (رحلة يوم طويل داخل الليل) (1962) التي يشرح فيها اونيل حياته المنزلية مع أم مدمنة على المخدرات، أدت دورها كاترين هيبورن، ومسرحية تنيسي وليامز (هبوط اورفيوس) (1959) الذي قام بدور البطولة فيه مارلون براندو مع انا مانييني وجوان وودوورد، وفيلم (12 محلفا غاضبا)، بطولة هنري فوندا ولي جي كوب. وقد تطرق الى مواضيع حساسة في مطلع سبعينات القرن الماضي، فأخرج فيلمه الشهير (عَصْرية بائسة) بطولة آل باتشينو الذي مثل في فيلم ثان للوميت (سربيكو)، و(الشبكة الاعلامية) بطولة بيتر فينتش، والفيلم التلفزيوني (أمير نيويورك).
و معظم افلامه تتناول عالم الجريمة، الإعلام، الشذوذ الجنسي، والمناطق الخلفية لمدينة نيويورك يعشقها ويستمد رؤاه السينمائية من خلال اجوائها، بالرغم من انه ولد في فيلاديلفيا. لقد استطاع ان يحول مسار درامية الفيلم التي يفترض بها أن تكون، قبل كل شيء، مسلية للمشاهد، الى أشبه بشريط وثائقي صادم، لكنه محرر من كل مونتاجية وثائقية ثقيلة. ذلك أن التأثير الأساسي للمشهد يكمن في نقل أجواء الحدث كما هي من دون رتوش لكن بلغة سينمائية مشدودة على صعيد التصوير والسيناريو، وفي الوقت ذاته الحفاظ على حكمة الحدث الحقيقي الأخلاقية المطلوب إيصالها، متخفيّةً في مقومات النسيج السينمائي المعروض من دون أي غرض ايديولوجي، أو رسالة مباشرة.
وكان لوميت يحظى بتقدير من زملائه من الممثلين والمخرجين الذين يعتبرونه أحد أعلام المهنة المتمكنين من أسرارها. ويعد واحد من أكثر المخرجيين الأمريكيين غزارة في الإنتاج. قام بإخراج أكثر من خمسون فيلماً. منها 12 رجلا غاضبا وعصر يوم قائظ، ترشح لخمسة جوائز أوسكار، فاز بجائزة أوسكار فخرية عن مجمل أعماله.