علي حسين
يقول دريد لحام في مسلسل سنعود بعد قليل لأحد أصدقائه القدامى: "لا تهتم للمصائب. تعودنا على قبول كل شيء"، تذكرت هذه الجملة وأنا أرى حالة القتال التي أصابت مرشحي الانتخابات، والرشاوى التي يدفعونها من أموال الدولة. لم يعد مهماً كم عدد الضحايا، ولا حجم الخراب الذي أصبح مؤخراً موضوعاً يمكن أن يناقش في البرلمان..
فماذا يعني أن يزداد عدد الفقراء، ما دام البرلمان – مشكوراً – قرر أن يسأل: ما الأمر؟.. وما دام هناك فاصل من الراحة لنوابنا الأعزاء يعودون بعده أكثر حيوية ونشاطاً في مناقشة أحقية النائب بالراتب التقاعدي ومخصصات السكن والمصفحة التي تحافظ على حياته التي هي ثروة لايجوز التفريط بها.
في كتابه "روح الثورات" يخبرنا المؤرخ غوستاف لوبون أن أكثرية أعضاء مجالس الثورة الفرنسية كانوا مطبوعين على اللامبالاة، محايدين وهم يرون المقاصل تعمل بأقصى سرعتها.. كان شعارهم "مادامت المقصلة بعيدة عن رقبتي فالبلاد تسير على الطريق الصحيح".
فيا أيها المواطن العراقي المسكين، لماذا تريد من ساسة "سنعود بعد قليل" أن ينظروا إليك باعتبارك أخاً وشريكاً في الوطن والمصير، وليس تابعاً؟، لماذا تريد أن تصبح "مواطناً" في بلد يعتقد ساسته أن التقدم يعني الحصول على مزيد من المكاسب والمنافع الشخصية؟.. وأن السياسة هي فن الخداع، والاحتفاء بالأكاذيب، والتهالك على الغنائم، مسؤولون يجعلون الخطأ صحيحاً، والحق جريمة، يعدون ولا يوفون، يبنون لك قصوراً من الرمال، لا يكترثون لحق، ولا يلتمسون لحقيقة، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع وتعاون مع الإثم وتحالف ضد الصدق، ثروتهم الضلالة، سياسيون يرفعون شعارات طائفية مقيتة ويرون في كل من يعارضهم عميلاً أو واجهة لقوى أجنبية، وكل معارضة لا تسمع ولا تطيع فهي مأجورة وتعمل ضد مصالح البلد، سياسيون تتملكهم الرغبة في التسلط والأنانية المفرطة التي حولت الفساد إلى دولة.. والنخب السياسية إلى مافيات؟ سياسيون بعقول متحجرة من الماضي، منفصلون عن الناس ويعيشون في دنياهم الخاصة المغلقة على طريقة تفكير لا تهتم بمستقبل البلاد قدر اهتمامها بمستقبل الأصحاب والرعايا والمقربين.
أيها المواطن المبتلى بمسلسل فاصل ونعود.. كنت تأمل أن تعيش في دولة للقانون يتساوى الجميع أمامها، فإذا أنت أمام دولة لها أكثر من قانون يشجع جرائم النصب والاحتيال واستغلال المنصب وترهيب الناس ومطاردتهم حتى آخر مقهى.
يضع المفكر الإيراني الراحل علي شريعتي يده على نقطة مهمة تفضح "ساسة سنعود بعد قليل"، فهؤلاء دائماً ما يطمحون إلى أن ينأوا بأنفسهم عن الناس وتراهم جميعاً مع الهيئة الحاكمة كتفاً في كتف، هم أولئك الذين عبر عنهم القرآن بـ"الملأ" وهم المترفون الذين يشغلون المناصب المهمة في مجتمعاتهم.
جميع التعليقات 2
سمراء
من أين جاءهم الترف وهم مشردو الدروب الخلقية لمدن التشرد ، عادوا للوطن حفاةً منبوذين على دبابة الاحتلال
غصن الزيتون الأخضر
دائما يراعك كمبضع جراح خبير تضع .. مبضعك بكل دقه على الموضع الذي يسبب الألم المستديم لهذا الشعب الضحية للأمراض والأورام الخبيثة .. دام يراعك معطاءا في تخفيف الآلام المبرحه ...