اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > طبيعة العلاقة بين السياسة النقدية والسياسة المالية فـي العراق بعد عام 2003

طبيعة العلاقة بين السياسة النقدية والسياسة المالية فـي العراق بعد عام 2003

نشر في: 7 يونيو, 2010: 04:56 م

د. فلاح حسن ثويني الجزء الأول ان طبيعة العلاقة (التناقض Conflict والتكامل Integration ) بين السياسات الاقتصادية عموما , والسياسات المالية والنقدية على وجه الخصوص ليست وليدة سنوات او عقود حالية، فضلا عن أنها لا تنحصر في اقتصاد بلد معين من دون غيره، ويكاد يجمع الاقتصاديون
على أن العلاقة بين السياستين المالية والنقدية، هي علاقة جدلية فيها من عدم التوافق والتعارض الكثير، وأيضا من التكامل والتنسيق الكثير، ولكن كلما كانت عناصر التناقض والتعارض اكبر من عناصر التكامل والتنسيق سيؤدي ذلك حتماً إلى تكاليف كبيرة يتحملها الاقتصاد والمجتمع تتمثل في الهدر في الموارد المالية والحقيقية، وبالعكس ستتجه هذه التكاليف إلى الانخفاض كلما كانت عوامل الالتقاء والتوافق اكبر، وعوامل الخلاف والتباعد اقل. إن الخلاف بين الماليين والنقديين عموما لا يتركز على أن لكل منهما أدواته ووسائله التي تختلف عن الآخر، بل أن جوهر الخلاف يتمثل في الأهداف التي يسعى كل منهما إلى تحقيقها ضمن مهامه وسلطاته.وفي العراق حتى عام 2003 كانت السياسة النقدية توُصف بالسياسة (الذيلية) Tailing و(المسايرة) subservient  و(التكييفية) Accommodating للسياسة المالية، أي أنها تتبع وتساير وتتكيف مع الاتجاهات العامة للسياسة المالية التوسعية، لكي تواكب وضع الاقتصاد العراقي الذي اتسم باختلال هيكلي في الأغلب إن لم يكن جميع قطاعاته، ولكن بعد التغيير السياسي والاقتصادي في العراق في عام 2003، ظهرت سمات أخرى لطبيعة العلاقة بين السياسة النقدية والسياسة المالية تركزت في المهام والأهداف لكل من السياستين وصلت في بعض الأحيان إلى التناقض والتعارض وما يترتب على ذلك من خسائر في الموارد الاقتصادية قد يكون العراق في أمّس الحاجة لها لبناء وأعمار البنية الاقتصادية المدمرة.تهدف الدراسة إلى تحديد طبيعة العلاقة بين السياسة المالية والسياسة النقدية بصورة عامة مع الإشارة إلى أن العراق بعد التحول السياسي والاقتصادي الذي حدث بعد عام 2003، من خلال تحديد مهام وأهداف كل من السياستين، وآثار هذه العلاقة على الفعاليات الاقتصادية.rnأولاً: أوجه الاختلاف والتعارض بين الماليين والنقديينابتداءً تشير السياسة المالية الى جميع الإجراءات التي تتخذها السلطات المالية (وزارة المالية) في ما يتعلق بنفقات الدولة ومصادر تمويل هذا الأنفاق، أي الإيرادات العامة.أما السياسة النقدية فهي الإجراءات التي تتولى مسؤوليتها السلطات النقدية ممثلة بالبنك المركزي والتي ترتبط بشؤون النقد والمصارف والمؤسسات المالية الأخرى.قد يحدث التعارض والتناقض بين مختلف السياسات الاقتصادية، ولكن يبقى تعارض السياستين المالية والنقدية يحظى بالاهتمام الأوسع، لأنه تعارض بين السياسة الصانعة للنقد (السياسة النقدية)، وبين السياسة المنفقة للنقد (السياسة المالية)، وهذا الخلاف يترتب عليه اثار مالية ونقدية متبادلة قد تتسبب بانحراف السياسة الاقتصادية العامة إلى مراحل خطيرة في حالة عدم تدنية عوامل التعارض إلى مستويات مقبولة أو مناسبة(*)، وعموماً فان من بين صور أو أشكال التعارض التي يدور الجدل بشأنها بين السياستين تتمثل في:1- يركز الماليون في دفاعهم عن فاعلية سياستهم المالية، وهجومهم على النقديين لإثبات دور السياسة النقدية الثانوي، على أن السياسة النقدية بحاجة مستمرة ودائمة إلى تعديل مكونات عرض النقد بين فترة وأخرى حسب وضع الجهاز المصرفي وظهور أدوات مالية مختلفة، ويرد النقديون دفاعا عن سياستهم النقدية والنيل من السياسة المالية بعدم فاعليتها من خلال عنصر التأخير الزمني Time Lage الذي يُفقد أدوات السياسة المالية إمكانية المواجهة ومن ثم معالجة التقلبات الاقتصادية، إذ تحتاج إلى وقت أطول نسبيا لإجراء المناقشات والتشريعات الملائمة في البرلمان ومن ثم تنفيذها مما يفقد السياسة المالية سرعة التحرك لتحقيق التغييرات المطلوبة.2- إن الماليين يؤكدون على أن دور النقود في النشاط الاقتصادي لا يمكن أن يكون محايداً فالتغيرات التي تحصل في عرض النقد تؤدي إلى تغيرات في الأسعار والدخل والأجور والتشغيل، بينما يرى النقديون أن الآثار غير الحيادية للنقود تكون مؤقتة، وان ضبط تدفق النقود سيسهم في تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي.3- يختلف الماليون والنقديون بشأن تحديد المدى الزمني الذي تتحقق من خلاله آثار التغيرات في عرض النقد على المستوى العام للأسعار، إذ يرى النقديون أن هذا التأثير يكون في الأجل الطويل فقط، بينما يرى الماليون انه طالما أن التضخم يعد ظاهرة نقدية وفي الأجل الطويل فان ذلك يعني أن أي تغير في المعروض النقدي لا يمكن أن يؤثر في المتغيرات الحقيقية وبالتالي فان ذلك يثبت عدم فاعلية السياسة النقدية في هذه الحالة.4- تتعارض الآراء بشأن ما يعرف بالتقييسIndexation (ربط الإنفاق العام بالأرقام القياسية للأسعار) إذ يرى أنصار السياسة المالية عدم فعالية إجراءات خفض الأسعار الاسمية عن طريق الدعم أو تخفيض الضرائب في وقف جنوح الأسعار نحو الارتفاع ومنع زيادة كمية النقود من إحداث التضخم، حيث يؤدي التقييس من وجهة نظر الماليين إلى عدم الاستقرار وقد يولد التضخم الجامح Hyperinflat

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram