طالب عبد العزيز
تطالعنا مقاطع الحملات الانتخابية لكبار المرشحين وهم يتنقلون فرحين، ومزهوين بأجمل الحلل والسيارات، مأملين جمهورهم بوعود وردية، وأحلام كاذبة، في شبه دعارة واضحة، لشراء الأصوات، دونما شعور وطني،
فهم لا يملكون برامج سياسية، ولا نوايا حسنة، لإنقاذ البلاد من الهاوية، التي تنتظرها، وكل همومهم هو البقاء مدة أطول، على ذات المقاعد القذرة، في الحكومة والبرلمان، متنعمين بالمكاسب، التي جنوها، والتي تنتظرهم، ضاربين عرض الحائط بتطلعات وطموحات ابناء الشعب المسكين.
تكشف استعراضات المرشحين عن صلح طويل الامد، بين الفرقاء(شيعة وسنة وكرد) فلا خصومات في السر، وإنْ تسرّب الينا في العلن شيءٌ هنا وهناك، فهم يتصلون ببعضهم، ويخططون الخطط التي تضمن التزوير، وتكفل لكل فريق حقه، من الاصوات والمقاعد، وكل شيء يجري بقدر واضح لديهم، فلا دسائس، ولا مخاوف من كتلة على أخرى، إنما الدسائس والمخاوف تعتمل داخل الفريق الواحد، هناك شخصنة للخصومات، فالشيعة بخصوماتهم المعلنة، والسنة بوضوح أكثر، وما يحدث بكرستان باللغة الكردية تسرب الى العربية تماما، فلا أسرار في القضية.
منذ انتخابات العام 2004 والى اليوم، وشعار المكونات الثلاثة المعلن وغير المعلن هو (شيلني وأشيلك) وهذه وثيقة عهد بينهم، تضمنتها بنود مؤتمرات لندن وبيروت، قبل سقوط النظام، ظلت قائمة الى اليوم، وبالرعاية الامريكية المعروفة، لكنَّ تقاطع المصالح ووفرة المال التي تؤمنها المناصب تلك، ادت بأعضاء الفريق الواحد من كل مكون الى التفكير بالاستحواذ على المغانم الكبيرة، والبحث عن السبل (حسنها وقبيحها) من أجل ابعاد هذه الشخصية، وتلك الجماعة، وذاك الحزب. وهنا يمكننا القول بأنَّ ديمقراطية أحزاب الخراب العراقي ومنذ ثمانية عشر عاماً لم تعنَ بحياة المواطن، إنما عنيت بحياتها أعضائها على حساب مكوناتهم من جهة، وانتجت صراعا داخل المكون نفسه، بما خرّب أنسجة المكونات الثلاثة.
إذا كانت الديمقراطية الامريكية قد أسست لانشطارات عامودية داخل الشعب العراقي (شيعة وسنة وكرد) ومزقت النسيج الوطني فأنَّ الاحزاب والكتل التي عملت خلال السنوات الماضية، قامت بشطر المكون الواحد أفقياً، فصرنا ننظر الى الشيعة لا بوصفهم كتلة واحدة، وإنما الى سيستانيين وبدريين وصدريين ونجباء وعصائب.. والى السنة بوصفهم جماعة ابي مازن والكربولي والنجيفي ومشعان وسنة المالكي وو ويبدو أن الخلاف الكردي إتخذ مسارات وانشطارات جديدة أيضاً بين الطالبانيين والبرزانيين والجماعة الاسلامية المتشددة والتغيير وهكذا، حتى ليبدو أنَّ النتائج المرتقبة من الانتخابات القادمة ستفصح عن ازمات لا تلوح حلولها في الافق العراقي، الغائم والمُنذِر بشتى العواقب.
العراقيون على مفترق طرق خطير، وإذا كنا نرصد الوضع بعين نصف مغمضة فأن الايام ستفتح اعيننا على ما هو مرعب ودموي، فالجماعات المتصارعة لا تريد التفريط بمكاسبها، وإن اقتضى الامر حمّام الدم ذلك، فالكل يتوعد الكل، والسلاح بيد الجميع، والاطراف الخارجية بذلت المال الكبير، لذا فهي بانتظار النتائج.