بغداد/ المدى
مع تحشيد الحكومة العراقية لجهود فنية وأممية كبيرة، لإجراء انتخابات "نزيهة" وإبعاد شبح التزوير عنها، تتوالى بالمقابل الفتاوى الدينية لتحريم بيع وشراء الأصوات والبطاقات الانتخابية، وهو مايمثل وسيلة التزوير الوحيدة التي لاتستطيع إيقافها الاجراءات الفنية والامنية الاحترازية، إلا أن هذه الفتاوى تصطدم بـ"استياء اليائسين" الباحثين عن الحصول على أي فائدة وربح آني من النواب، قبل أن يفوزوا وتبدأ مرحلة السبات التي تمتد لـ4 سنوات.
بيانات وفتاوى صدرت من المجمع الفقهي العراقي، فضلا عن تداول فتاوى سابقة للمرجع الديني الاعلى علي السيستاني بتحريم بيع وشراء الاصوات مقابل اموال او خدمات ووعود، بالاضافة إلى اصدار رابطة العلماء في العراق اليوم الثلاثاء فتوى تحرم بيع وشراء بطاقات الانتخاب بل ووصفتها بـ"الكبائر".
#ثمنها سحت وتعين على الإثم
وقالت لجنة الفتوى للمجمع الفقهي في بيان قبل عدة أيام، إن "حيازة بطاقة الناخب تضمن عدم استغلالها وتحفظ حق صاحبها مهما كان موقفه من العملية السياسية، ولذا ينبغي الحرص على حيازتها"، مضيفة أنه "لا يجوز بيع أو شراء بطاقة الناخب، وثمنها من السحت الحرام؛ لأنها تفضي إلى استحواذ الفاسدين من ذوي المال السياسي والنفوذ على الأصوات الكثيرة وفيه إعانة على الإثم والعدوان، وتهاون في أداء الشهادة وإضاعة للأمانة وتفريط بالمسؤولية، ويفتح باباً للرشوة والغش والتزوير، وكل ذلك مُجمع على حرمته، وفيه زيادة في الفساد وتقوية للمفسدين، وإن الحرص على حيازتها وسيلة تمنع من استغلال الفاسدين لها".
وتابعت اللجنة ان "كل مرشح يثبت بيقين قيامه بشراء بطاقات الناخبين ينبغي إسقاط حقه في الترشيح والتشهير به؛ لأنه عنصر فساد يقوض مقصد التغيير المرجو من عملية الانتخابات، وهذا من باب الأخذ بالإجراءات الاحترازية لضمان نزاهة عملية الانتخابات وتحجيم منافذ الفساد والتلاعب بها".
#لايجوز قبول الخدمات مقابل التصويت
بالمقابل، أعادت وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا فتوى سابقة للمرجع الديني علي السيستاني، أكد من خلالها عدم جواز بيع وشراء بطاقات الناخب أو التصويت لمرشح ما مقابل الخدمات.
حيث رد السيستاني على استفتاء من قبل مستفتين، حول قيام بعض المواطنين ببيع بطاقاتهم الانتخابية او قيام مرشحين للانتخابات بتقديم هدايا او خدمات مقابل التصويت لهم، ليرد المرجع على الاستفتاء بعدم جواز الحالتين.
#بيع البطاقات من الكبائر
واليوم الثلاثاء، أصدرت رابطة العلماء في العراق، فتوى تخص بيع وشراء البطاقات الانتخابية، واصفة الامر بانه من "الكبائر".
وذكرت شعبة الفتوى في الرابطة بوثيقة موجهة الى ديوان الوقف السني فرع الانبار واطلعت عليها (المدى) "نود اعلامكم بان بيع وشراء البطاقات الانتخابية محرم شرعا ويدخل من باب التزوير"، واصفة الأمر بأنه "من الكبائر في الشريعة الإسلامية".
#نتائج بائعي الأصوات واحدة
هذه الفتاوى والتحشيد الديني المؤكد الرافض بشكل قاطع صلاحية بيع وشراء البطاقات الانتخابية أو التصويت مقابل الأموال والهدايا والخدمات، تطرح تساؤلات عن مدى استجابة فئات الناخبين لهذه العملية، خصوصًا وأن من يشارك في الانتخابات بالعادة باعداد كبيرة مقابل اموال او وعود أو انتظار تعيين أو خدمات شخصية ومناطقية، يفرز عن مشاركتهم في النهاية ذات الكتل والقوى السياسية المعروفة، والتي غالبًا ماتكون نتاجها كتل وقوى دينية واسلامية، من المفترض انها "تعظّم" المرجعية الدينية.
ويؤشر مراقبون أن هذه الفتاوى هي ليست الأولى من نوعها، وخصوصًا تلك الصادرة من المرجع الديني علي السيستاني فقد سبق وان اصدرها في انتخابات 2018 و2014، إلا أن عمليات بيع وشراء الاصوات عبر الاموال او الوعود بالتعيين او تقديم الخدمات وغيرها مستمرة وتفرز ذات الكتل السياسية، والدليل على ذلك أن الفئات المقاطعة والتي لاتستلم بطاقاتها الانتخابية اصلا، هي جماهير لم توافق على صفقات بيع الاصوات، بالتالي فأن جماهير بيع الاصوات والمشاركة في الانتخابات افرزت الكتل والقوى المتواجدة في البرلمان طوال السنوات الماضية.
#فرصتنا الوحيدة
بالمقابل، فأن فئات أخرى رصدتها (المدى) على مواقع التواصل الاجتماعي، قابلت هذه الفتاوى بالسخرية، فيما كان مبررهم أنهم "محتاجون للاموال"، معتبرين ان هذه الفتاوى "ترفية" ولاتلمس حاجتهم وعوزهم.
ويرون أنهم لن يحصلوا على شيء من المرشحين أو النواب والحكومة فيما بعد، ليستغلوا فترة الانتخابات التي يعتبرونها "فرصتهم الوحيدة" للحصول على أي شيء من المرشحين لأن يصبحوا نوابًا، مهما كان هذا الشيء بخس الثمن.
ويعتبر مراقبون أن هذه المراحلة اليائسة التي وصلت اليها شرائح كبيرة أخطر بكثير من الفئات اليائسة التي قررت مقاطعة الانتخابات، فيما أشاروا إلى أن هذه المرحلة الخطيرة، عملت القوى السياسية على إيصال الكثير من المواطنين إليها لكي يرضوا بالقليل المتمثل فتات الخبز والاموال البخسة القليلة كل 4 سنوات مقابل التصويت للمرشح او الحزب، فيظن المواطن بأنه حصد شيئًا ثمنيًا فيما اذا قارنه بباقي أيام الدورة الانتخابية البالغة 4 سنوات والتي تكون استفادته "صفرية" منها.










