عدوية الهلالي
هل يمكننا الوثوق بمسؤول منتخب من المحتمل أن ينتهي به الأمرالى عدم تنفيذ الأفكار التي أطلقها؟
هذه هي الديمقراطية السائدة حاليا ، ديمقراطية الانتخابات ، حتى لو قال عنها البعض انها أسوأ اشكال الحكم ، ففي الغالب ، يتم تجسيد الديمقراطية من قبل الحكومة ، على وجه التحديد ، أي المسؤولين المنتخبين ، بشكل مباشر أو غير مباشر لأن من المفترض أن يمثلوا ويتصرفوا نيابة عن الناسوعلى وجه الخصوص ناخبيهم ، ثم نر ىالنتيجة مع مروركل يوم فيشعر الناخبون انهم عاشوا خدعة كبرى أو يعاودون بناء أمل جديد على أسس جديدة ويختارون مرشحين آخرين لعل لعبة الديمقراطية تسفر عن حقائق وواقع جديد يلائم تطلعاتهم واحلامهم ..
ولكن في النهاية ، هل نعرف ماهو دور المسؤول المنتخب،وفوق كل شيء،ماذا يجب أن يكون؟هل هو مندوبنا المختار من أجل تنفيذ مهمة ما قد تنجح او تفشل ثم يخرج منها بعد انتهاء فترة جلوسه على مقعد البرلمان وهو رابح في كل الأحوال ، ام انه (ممثل الشعب) الذي يكد ويكافح طوال جلوسه تحت قبة البرلمان ليفتح آذان المسؤولين لمطالب ناخبيه ومطالب الشعب وليترك بصماته على كل قانون يتم تشريعه من اجل خدمة الشعب ؟
نحن نفترض عندما ننتخب ان تكون السلطة الديمقراطية في أيدينا واننا سنختار من يمثلنا لكننا مررنا بخيبات عديدة اكدت لنا اننا أبعد مايكون عن الامساك بتلابيب السلطة عبر اختيار مرشحينا ، اما بسبب تزوير الاصوات وتهميش خياراتنا او بسبب تحول كامل من المناداة بخدمتنا الى السعي الى خدمة مصالحهم الشخصية .
على الرغم من ذلك ، ومع حلول كل دورة انتخابية جديدة ، نحاول ان نشحن ذواتنا بالأمل وقد نقول لأنفسنا : في النهاية ، لايمكن ان يكون السياسي سيئا تماما ، وربما سيحقق لنا نتفة من حلم صغيرحلمنا به يوما .. بل ربما نعطي العذر لنفر منهم بأن نقول انهم لايقررون وفقا لقناعتهم او تفكيرهم بل وفقا لمناهج أحزابهم فهل في هذا الأمر –أي التبعية للأحزاب – شيئا من الديمقراطية التي نحاول ان نحسن الظن بها في كل مرة ؟
مهمة النائب اذن في هذه الحالة ان يؤمن بأن المنصب الانتخابي زائل لامحالة لكن الشعب باق وبحاجة الى من يرسخ ايمانه بالديمقراطية ويجعله يسارع الى صناديق الاقتراع من تلقاء نفسه لأنه واثق من تفوق قراره واختياره على الأقلية من معارضي الانتخابات او ممن يمارسون خلالها لعباتهم القذرة لتحصيل مكاسب شخصية اكثر ..
يرى بعض الكتاب الليبراليين ان الديمقراطية ليست حرية جماعية بل ماهي الا نوع من انواع العبودية ، واننا عندما ننتخب نائبا يتبين لنا فساده فيما بعد فأننا نجسد هذا الخضوع حرفيا بتورطنا بخيارات خاطئة لابد وأن ندفع ثمنها مستقبلا ..ولكن ماذا سنفعل بدون مسؤولين منتخبين ، وبدون ديمقراطية ؟ نحن بحاجة الى مجتمع حر يحكمه القانون ،ونحتاج الى دولة قوية منفتحة على العالم ، ومجرد استمرار ممارسة الديمقراطية في بلد انهكته الاحداث الجسام طوال السنوات الفائتة هو انتصار عظيم بلاشك لأنه يعني اننا لازلنا نحتفظ دائما بكوة أمل صغيرة نطل منها على اشراقة مستقبل حلمنا به طويلا ...سننتخب حتى لو عجزنا عن التأكد من ان مرشحنا المثالي لن يصبح مسؤولا فاسدا مثل اي شخص آخر ؟ وسنفترض حسن الظن في البرامج الانتخابية للمرشحين الجدد على الاقل عسى ان ينأوا بأنفسهم عن الخوض في لعبة تقديم المصالح الشخصية على مطالب الشعب ..