عبدالله السكوتييحكى ان ريفيا ضيف مجموعة من الحضريين (سكان المدن) في يوم شديد البرودة، ولاحظ الريفي علامات الجوع عليهم، فامر زوجته باعداد الطعام،ثم قدمه لهم وقال: (تعشوا ياخطارنا والعنجليه لي وره)، وحين تقدموا الى سفرة الطعام وجد احدهم ان الطعام لم ينضج بعد، فاكل القليل منه، وقال مع نفسه اترك تكملة العشاء لحين حضور (العنجليه)،
متصورا انها شيء من الفواكه او الحلويات، وترك الطعام ونهض جائعا، ثم احضرت العنجليه والمسكين يتضور جوعا، ولما طال عليه الامد سأل احد القريبين منه قائلا: متى تجلب (العنجليه) كي نأكلها؟ فضحك رفيقه وقال: ان العنجليه ليست اكلة وانما هي النار المشبوبة امامنا، ثم فسر له قول المضيف، وهو ان يشبعهم حتى يذهب عنهم الجوع، ثم يأتي بالنار حتى يذهب عنهم البرد، وبقي الحضري خجلا من عدم معرفته يتضور جوعا.وهذا المثل يضرب لمن يعطى اليسير ويتأمل بالحصول على الاكثر والاحسن ويبقى يتأمل طوال حياته، والشعب العراقي فهم المعادلة من اول لحظة، وعلم ان العنجليه ليست اكلة تؤكل، لكنه مع هذا صامت لغاية في نفسه، صامت على اشياء كثيرة بمزاجه ويريد ان يرى نهاية اللعبة وبعدها سيكون لكل مقام مقال، لقد استبدلت القاعدة السيارات المفخخة الصغيرة بشاحنات مفخخة ودفع الشعب الثمن، ولم يدفع اي مسؤول من الحساب شيئا، ومن ثم عادت الساعات الأُول التي تنبىء بالخطف والاغتيالات وآخر عملية دبرت في هذا المجال قتل مؤذن احد الجوامع في ابو غريب مع عائلته وتفجير منازل الشرطة في الفلوجة، ماذا يعني ذلك واوديرنو حذر من عودة القاعدة ثانية، هل كتب على الشعب ان يدفع الى ما لانهاية وهل حدود العراق من الامتداد حتى لاتضبط ولايصار الى احكامها ضد المتسللين، هل يطول هذا الامر ويبقى بين مد وجزر ساعة تضعف القاعدة نحن بخير ونسير في شوارع المدن بامان وساعة تقوى القاعدة علينا العودة الى الجحور المظلمة التي تخلو من أدنى مقومات الحياة.لغة الشعب والتكلم بها ضرورة من ضرورات السياسي الناجح، اما الانعزال عنه والابتعاد وحصد المكاسب الشخصية فهذا هو الفشل بعينه، لاننا لانستطيع ان نراهن كما راهن الآخرون في زمن النظام السابق حين قالوا ان الشعب العراقي سريع النسيان لمآسيه، ولذا من السهل ادخاله بحرب واخراجه من حرب، هذه مراهنة دفع ثمنها سياسيو الأمس ولانريد لسياسيي اليوم ان يدفعوا الثمن ذاته.لقد صارت لعبة القاعدة لعبة سمجة وصارت حديثا للتفكه والتندر في الاماكن العامة والخاصة، واصبح الامر مثيرا للضحك، فمن غير المعقول ان يعجز العالم عن مطاردة مجموعة من الشذاذ والمتحجرين ليدعهم يقررون موت الشعب واقامة قيامته بديلا عن الرب، هم ينفخون بابواق المنايا ونحن مثل أضحية العيد ماعلينا سوى الاستسلام للموت المؤكد، كفى ثكلا وموتا وازهاقا للارواح، اعلان الاحكام العرفية ومن ثم محاسبة المجرمين بعيدا عن حقوق الانسان لانهم لايمتون للانسانية بصلة، ولنكن واثقين ان الملقى القبض عليهم ليسوا ارقاما او من الابرياء لنديم زخم انتصاراتنا بلا فائدة. وعودة الى بعض افراد القوات الامنية الذين اصبحوا كممثلي افلام الكابوي في هوليوود، مسدسات واطلاقات نارية واعتداء على المواطنين، والخوف من ان يصبح الناطور هو اللص، لقد اخرج احد منتسبي القوات الامنية مسدسه واطلق النار على شاب في مقتبل العمر لانه ضايقه في السيارة وكنت ممن رافق المصاب الى مستشفى ابن النفيس علما ان الشرطي من ارباب السوابق.
هواء فـي شبك: (تعشوا ياخطارنا والعنجليه لي وره)
نشر في: 8 يونيو, 2010: 08:07 م