TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: يريدونها انتخابات على مقاسهم

العمود الثامن: يريدونها انتخابات على مقاسهم

نشر في: 10 أكتوبر, 2021: 11:25 م

 علي حسين

ليست المشكلة في الأرقام الصادمة للمواطنين العراقيين الذين اكتشفوا أن ذهابهم إلى صناديق الانتخاب يعني منح هذه الطبقة السياسية صكاً بالبراءة من الخراب ، ورغم القرار الكوميدي لمفوضية الانتخابات، التي تريد أن تجمل الانتخابات، عندما أعلنت أن نسبة التصويت لا تشمل جميع العراقيين، وإنما فقط الذين يحملون البطاقة الانتخابية،

وما تبقى من الشعب فهم مجرد قبائل "بدون" لا يحق لهم تقرير مصير العراق . صحيح أن مثل هذه الألاعيب تحدث في بلاد الرافدين دائماً، حيث تُمارس أكبر عملية نصب على المواطن باسم الديمقراطية، ولأن العراقيين أدركوا أن شعارات الإصلاح وبناء الدولة مجرد لافتات انتهت صلاحيتها، فقد أشاحوا بوجوههم عن الخدعة التي تسمى "البرلمان"، ليقولوا للعالم إنهم يرفضون الاستمرار في مشاهدة الفيلم الكوميدي "مجلس النواب" الذي يتنافس على بطولته محمد الحلبوسي وخميس الخنجر.

في كل مرة يتوهم العراقيون أن الانتخابات ستمنحهم أملاً بالعيش في أمان ورفاهية، وأن الديمقراطية التي وضعت أصولها حنان الفتلاوي ستصلح من أحوالهم المعيشية، لكن بعد أن تغلق الصناديق بالأقفال، يجد المواطن أن القوى السياسية لا تزال تتمتع بفيتو ضد أي مطالبات شعبية لا تراها ملائمة مع حصصها في السيطرة على مؤسسات الدولة . سيقول البعض يارجل هل أنت مع المقاطعة وترك المسرح للوجوه القديمة؟ أنا ياسادة مواطن كان يأمل أن تجلب إليه الديمقراطية الخير والاستقرار والازدهار، فإذا به يجد نفسه في مواجهة قوى تعتقد أن مهمة السياسة هي "لفلفة" الديمقراطية ووضعها في جيبها الأيمن، وتعلن خشيتها من دولة العدالة الاجتماعية حيث يعتقد البعض من دراوشة الساسة أن مشكلة العراقيين ليست مع غياب الخدمات والفقر والمحسوبية والانتهازية، وإنما مشكلتهم أنهم قوم "كفرة " يعيشون عصور الجاهلية، وأن من واجب حماة الفضيلة أن يهدوهم إلى طريق الهداية. كانت الناس تتمنى أن تحقق الانتخابات التعايش بين مكونات المجتمع العراقي كافة، وكانت الناس تتمنى أن تترجم صناديق الانتخابات إلى مؤسسات تحتضن الكفاءات، وقوانين تحارب الطائفية والانتهازية السياسية وسرقة المال العام.

اليوم يشعر المواطن العراقي ان يعيش وسط حلبة يتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في لصالحه . هل يدفعنا هذا الأمر إلى اليأس؟ بالتأكيد لا، فسيأتي يوم نجد فيه المواطن العراقي ومن خلال صناديق الاقتراع نفسها يعبر على جثة الاصطفاف الطائفي، لأنه سيدرك حتماً أن التغييرالحقيقي الذي يستحقه لا يعنى تغيير السلطة، أو وجوه الحاشية، أو استبدال جماعة طائفية، بأخرى أكثر طائفية.. ‎ ليس صناديق انتخابات فقط، بقدر ما هو تفكيك بنية فاشلة ترى في كرسي الحكم حقاً شرعياً، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات، بينما يبقى العفن يحتل أركان الوطن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram