يحيى عازيكانت المكتبة العراقية (العربية ) تفتقر بشكل كبير إلى الكتب العربية الحديثة المهتمة" المتخصصة "بدراسة الديانة المندائية، كان عندنا في البيت كتاب واحد فقط مختص بالديانة المندائية باللغة العربية، وكتيب أو نشرة مندائية ،وبعض مقالات نشرت في مجلات عراقية وعربية تتحدث عن الصابئة المندائيين، الكتاب كان من تأليف المرحوم المؤرخ العراقي ( عبد الرزاق الحسني )4 صدر الكتاب عام 1931 الموسوم (الصابئون في حاضرهم وماضيهم )
وكان يعد الكتاب في ذلك الوقت من اشهر الكتب الحديثة الموجودة والمتوفرة في السوق والمكتبات الرسمية والحكومية في العراق والعديد من الدول العربية التي تبحث في الديانة المندائية. لكن العديد من أبناء الصابئة المندائيين لا يرغبون في اقتناء الكتاب أو مطالعته ! فلديهم على الكتاب وكاتبه ملاحظات عديدة إذ سبب وأثار مشاكل و إشكالات كثيرة للصابئة منذ إصدار طبعته الأولى.وكنا مضطرين لشراء هذا الكتاب فلم يكن في السوق كتاب غيره عن الصابئة المندائيين باللغة العربية بهذه المحتويات والتفاصيل، كذلك كان معظم الصابئة المندائيين لا يعرفون قراءة كتبهم المدونة باللغة المندائية وهي اللغة التي كتبت وحفظت بها كتبهم المقدسة، وكذلك لم تترجم هذه الكتب ( المندائية ) للغة العربية لأسباب عديدة، لست بصدد شرحها الآن. لم تبرح الذاكرة المندائية قصة الطبعة الأولى لكتاب (الصابئون في حاضرهم وماضيهم ) وموقف الصابئة المندائيين من الكاتب وكتابه وكيف اشتكته الطائفة المندائية إلى وزارة العدل / محكمة الجزاء بواسطة رئيسها الروحاني المرحوم الكنزفرا الشيخ (دخيل الشيخ عيدان ) (1881 ـ ت1964 ) وكسبت حكما ً بإدانته لما ورد في الكتاب من افتراءات ودس ومغالطات وكذلك ألزمته المحكمة بسحب الكتاب وتقديم اعتذار. لقد سمعت من والدي رحمه الله مرات عديدة وهو يصف تلك ( المحكمة ) وكيف أحتشد رجال الصابئة المندائيون داخل قاعة المحكمة وأمام بابها في يوم مرافعتها، فيما كانت تعتلي وجوههم سمات الغضب والحنق على ما سببه لهم الكتاب من تجريح وافتراء وإهانة، مساندين شيخهم الجليل ورئيسهم الروحاني بدعواه بكل قواهم وإمكانياتهم، يقول والدي:(كانت هنالك حشود كبيرة من المندائيين تقف أمام باب المحكمة منذ الصباح الباكر بعد أن غصت القاعة بهم ) ويقول (كان زينا في تلك الفترة الزي العربي العقال واليشماغ الأحمر والعباءة الرجالة وما يميزنا عن الآخرين لحانا الطويلة المنسرحة على صدورنا) يصف حشودهم والدي بعبارة يكررها دائما عند ذكر الحدث مشيراً الى المثل العراقي( تذب الدخن يوكَع على رؤوس الزلم) أي حينما ترمي الدخن ـ نوع من البذور النباتية الصغيرة ـ يتساقط على رؤوس الناس المحتشدة لكثرة عددها ووقوفها كتلة واحدة . أعيد طبع الكتاب بعد المحكمة بسنوات طبعة ثانية وتبعتها طبعات لاحقة عديدة جديدة كل مرة بتنقيحات وإضافات جديدة، لكن بقي الكتاب يحمل في طياته كثيرا ًمن النواقص والمغالطات، حتى أنني اقتنيت في عام 2000 الطبعة التاسعة منه فضلاً عن طبعة أخرى قديمة ــ لم تسعفني الذاكرة بتذكر رقم طبعتها ــ كنت أحتفظ بها، قبل مغادرتي العراق. لم تزل هذه القصة ( مقاضاة المرحوم عبد الرزاق الحسني ) يتناقلها الصابئة المندائيون في كل مناسبة إلى يومنا هذا! وكذلك تتناولها أقلام الباحثين والدارسين للتاريخ المندائي الحديث، ومن الطريف أن المؤرخ العراقي المرحوم ( عبد الرزاق الحسني ) بعد المحاكمة تلك ارتبط بعلاقة بالشيخ الجليل المرحوم الكنزفرا (دخيل الشيخ عيدان ) فيها نوع من الودية وذلك من خلال الرسائل المتبادلة والتي استشار فيها الشيخ الجليل المرحوم ( دخيل الشيخ عيدان ) عن العديد من الأمور المتعلقة بالمندائيةوعن تلك المحكمة وكتابات المؤرخ المرحوم عبد الرزاق الحسني حول الصابئة ، أستشهد بمقطع مما كتبه الباحث الدكتور (رشيد الخيُّون ) في مقالته الموسومة (المندائيون في الذاكرة الإسلامية ) والمنشورة في موقع اتحاد الجمعيات في المهجر ، وأدناه نص المقطع 🙁 خرق الشيخ دخّيل صمت المندائيين عن تجاوزات الآخرين فيما يخص الشأن الديني، يوم تقدم لمقاضاة المؤرخ عبد الرزاق الحسني بسبب ما جاء في كتابه "الصابئون في ماضيهم وحاضرهم". ففي (11 كانون الثاني من عام 1931م)، فتح الشيخ كتاب "الكنزا ربا" وقرأ أمام هيئة المحكمة في بغداد، باللسان المندائي (الآرامي الشرقي) وكان الأب انستاس الكرملي يترجم إلى العربية، وقد اقتنعت المحكمة أن المندائيين ليسوا عبدة كواكب ونجوم بل يعبدون الحي الأزلي، قرأ الشيخ بوثات (آيات) من الكتاب الأول، تسبيح التوحيد. تحقق ذلك بتعاطف من قبل متصرف بغداد آنذاك الأستاذ أمين الخالص والحاكم الأول لمحكمة الجزاء شهاب الدين الكيلاني مع قضية المندائيين. وحصل أن اعتذر الحسني من الشيخ ووعده أن لا يعيد نشر الكتاب إلا بعد أخذ ملاحظات وتوصيات الشيخ، لكنه طبعه عدة طبعات، وحتى السبعينيات كتب في مجلة "التراث الشعبي" مقالاً بعنوان "إذا مات الصَّبي"، واضعاً فيه ما يدور بين العامة حول المندائيين، من أنهم يخنقون المحتضر، بينما الصحيح هم يلبسونه الثياب الدينية وهي الرسته، ويطهرون بدنه قبل الوفاة، والعا
الحسني وكتاب الصابئة
نشر في: 9 يونيو, 2010: 04:55 م