طالب عبد العزيز
أقبِلَ البعضُ بنتائج الانتخابات أم لم يقبلْ فالمؤشرات تقول: بأنَّ الكتلة الصدرية هي التي حققت الفوز، وأنَّ الخاسر الاكبر هم أولئك الذين وقفوا بالضد من إرادة الشعب، وارتموا باحضان الاجنبي، ومع أنَّ الكثير من العراقيين ما زالوا على توجسهم من فوز الصدريين،
للسابقة التي كانت لهم، إلا أننا نعتقد بأنَّ تياراً بلغ الحدَّ هذا من التنظيم، والقدرة على تمرير لعبة الانتخابات لصالحه، عبر ممارسة ناحجة، في توزيع مرشحيه على الدوائر الانتخابية، وعلى وفق آلية لم يهتد اليها قادة الاحزاب التقليدية، لهو قادر على مسك مقود السلطة، والعبور بالبلاد الى بر الامان، وستكون تجربة فريدة إن استعان بمن يعتقد بانهم الاقرب اليه من الاحزاب والشخصيات.
ومع مرارة تجربة العراقيين مع الاحزاب الدينية، وتلاحق الخيبات عليهم في الحزب هذا وذاك، والشخصية هذه وتلك، إلا أننا نذكّر بأنَّ الشعب قادر على معاقبة الذين يخذلونه، ولديه أكثر من وسيلة للتخلي عنهم، ولعلنا نذكر بقصيدة نيكوس كافافيس:" عندما خذل المقدونيون الملك ديمتريوس/ واعلنوا صراحة أنهم يفضلون بيروس/ فان الملك ديمتريوس (وكان نبيل النفس)/ لم يعتبر نفسه مثل ملك/ فقد غادر مكانه، وخلع ثيابه المذهبة/ والقى عن قدميه حذاءه المدبوغ بالارجوان/ وارتدى ثيابا بسيطة/ وهرب مسرعا/ متصرفا مثل ممثل مسرحي/ حين تاتي نهاية المسرحية، يبدل ملابسه ويغادر" . لذا ندعو الخاسرين الى مغادرة المشهد.
ومع يقيننا بأن ليس بين قادتنا من يمتلك شجاعة ونبل ديمتريوس، بكل تأكيد، إلا أننا نجد بين جمهورنا من يمتلك الشجاعة في معاقبة قادته، وليس أقرب الينا من تجربة السيد حيدر العبادي بعد انتصارات الجيش والحشد على داعش وتحرير المدن منه، فقد كانت النداءات تدعوه للخروج من حزب الدعوة الاسلامية- كان مستقيلا منه- وتاسيس حزب مدني، عابر للطوائف، كانت ستجعل منه بطلا وطنياً، وزعيما استثنائياً، في الفرصة الذهبية التي اتيحت له آنذاك، ولم تتح لغيره، إلا انه لم يفهم الدرس، ولم يصغ للنداءات الصادقة تلك، وها نحن نشهد خساراته اليوم، وخسارات حزبه القديم، لصالح القوى الجديدة-القديمة، ها نحن نرى المآلات التي آلت لها القوى التي وقفت بالضد من التشرينيين، وكيف تخلت عنها جماهيرها.
بقي من قولنا أننا قد نهمس في آذان أعضاء الكتلة الصدرية فنقول، مسترشدين بجملة السيد الصدر الاخيرة بوجوب حصر السلاح بيد الدولة، مشيرين إلى أنَّ تياركم هو الاولى بسماع الجملة هذه، وأنْ عليكم ان تظهروا بالصورة المثال، صورة التيار المتزعم للاصلاح، لا المتنكب للسلاح، فالمرحلة جديدة، والبلاد بحاجة الى التهدئة، والاقتصاد لا يقوم بالبندقية، إنما يقوم بالمشاريع، والعراق بحاجة ماسة الى محيطه الاقليمي، وأنَّ الوقت قد حان للتخلي عن فكرة الدولة الدينية، فقد ثبت فشلها بالتجربة، ولديكم أكثر من وسيلة لمحو الماضي العراقي، الحافل بالدم والقتل والتهميش، فذاكرة الناس مازالت تهتزُّ بالصور المرعبة، التي نتمنى ان لا تتكرر.