ترجمة: فضيلة يزلكانت التقارير الواردة من بغداد بعد التفجيرات المنسقة للقاعدة في 10/آيار الماضي غامضة، إذ كانت التفجيرات ضمن سلسلة من الهجمات التي شنت على نطاق واسع من قبل المتطرفين بدأت أواخر آب بعد مرور فترة شاقة وعسيرة من سلام نسبي في العاصمة، والأخبار التي تتعلق بهذه الهجمة والهجمات السابقة كانت تشكل أهمية خاصة بالنسبة لي. فقرابة عام تقريباً.
كنا أنا ورجالي مكلفين بالقيام بدوريات في مناطق تبعد اقل من عشرة أميال حيث تم نقل أفراد من قوات الطوارئ العراقيـة من الحطام المحترق لتلك التفجيرات.عندما اندلعت أخبار عن هجمة مماثلة في 29/تشرين الأول/2009، كنت اقضي إجازتي في الوطن لمدة شهر تماماً بعد إرسالي الى العراق، تزامن توقيت هجوم تشرين الأول مع رحلة عودتي للشرق لرؤية عائلتي وأصدقائي لأول مرة منذ عودتي للولايات المتحدة. خلال السنة التي قضيتها بعيداً عن الوطن، كنت قد وضعت إجابات عدة مقتضبة ومعلبة لاجتياز سلسلة من الاستفسارات المنظمة حول التحاقي بالجيش، لكن التفجيرات جاءت بهجمة جديدة تماماً من الأسئلة: هل كانت القطاعات الأمريكية المتقدمة تتآكل بسرعة في العراق؟ هل كانت قوات الأمن العراقية جاهزة حقاً لتحمل مسؤولياتها؟ هل القوات الأمريكية قادرة حقاً دائماً على المغادرة؟ كانت هذه الأسئلة تذكرني ان عامة الناس هم فضوليون لكنهم قليلو المعرفة بما يتعلق بالبلد والصراع الذي ظلوا يرسلون له أكثر من 100,000 شاب أمريكي من الرجال والنساء، وهناك عدد من الأسباب التي أدت الى هذا.لقد استبعدت الإدارة تقريباً العراق بشكل تام من الأجندة الوطنية، والتقارير الإخبارية عن الحرب كانت عابرة ومعظمها ناقصة حسب وجهات النظر الدقيقة والمهمة، أضف الى ذلك، تداعي الاقتصاد العالمي والنقاش الشرعي المقنع للكابيتول هيل، ويبدو ان الصحف تركت بعض الأعمدة التي تقاس بالانجات للحديث عن العراق.لقد جعلنا هذا الفراغ أنا وزملائي الجنود نشعر وكأننا سفراء عن غير قصد، علينا ان نشرح السياسة الستراتيجية والتقدم الذي احرزناه في العراق للشعب الأمريكي، هذا الدور يضيف تأكيداً على التعديلات المتعلقة بإعادة الجنود التي يجب ان تجرى من اجل إعادة اندماجهم في الحياة بعد عودتهم الى الوطن. بينما نحن نحاول إعادة ترتيب حياتنا بعد غياب طويل، كنا مطالبين دائماً ببيان رأينا وإعادة تقدير تجاربنا بتفاصيلها المدمرة.وفي حين تتشكل معرفتنا الأولى ووجهات نظرنا الأساسية، كان جزء مهم من القصة يكمن في هذه الحرب، فلا ينبغي للمحاربين او الجنود القدامى ان يكونوا أول صوت يتحدث عن العراق، فنحن غير قادرين على التحدث بشكل مطلق عن هذه القضايا، مقيدين بسرية وأمنية العمليات ـ وضماناً لأمن أولئك الذين ما زالوا يعملون في الخدمة العسكرية في الخارج. فوظيفتنا كجنود هي تنفيذ المهام المكلفين بها وإعادة زملائنا الجنود سالمين الى الوطن.وتبقى مهمة توضيح أسباب الحرب وتبريرها لعامة الشعب الأمريكي من اختصاص الحكومة ووسائل الإعلام.ينبغي ان تفسح وزارة الدفاع المجال أمام المزيد من الوسائل الصحفية في الحرب، فأثناء زيادة الجيش وفي ظل فكرة الجنرال ديفيد بترايوس مُنح الصحفيون تفويضاً مطلقاً تقريباً ما أدى الى تقديم تقارير مقنعة ومفعمة بالمعلومات إذ كانت التقارير الأخيرة في مجلة ستارس اند سترايبس تشير الى ان البنتاغون قد استأجرت شركة علاقات عامة لتقوم بمهمة تفتيش أجهزة الصحفيين بدقة، وبالتالي تقيد حريتهم في الكلام، يجب ان تعترف البنتاغون ان القضايا التي اختاروا ان يتجاهلوها على مستوى مجلس الوزراء تركت لتحدد لنا من قبل أولئك على مستوى الشركة.تحتاج وسائل الإعلام الأمريكية الى إحياء تغطيتها للحرب بأسلوب ملائم مؤثر على الرغم من ملل الشعب الأمريكي، كانت المقالات التي كتبها انطوني شديد لصحيفة نيويورك تايمز جيدة دائماً، لكن للأسف هذا النوع من التقارير نادر جداً في هذه المرحلة من الصراع.. طالما ان أفراد الجيش ما زالوا عرضة للخطر، وعلى الصحفيين ان يُذكروا الناس بهذه الحقيقة، ويشغلوا الشعب الأمريكي مرة ثانية بإحدى قضايا العقد الماضي، كما يجب ان يحتفظ العراق بمكانته المتميزة في ضمير المجتمع الأمريكي، مع كل التحديات الأخرى التي تواجه الأمريكان اليوم، فالعراق لا يحتاج لان يكون القضية الأمريكية الوحيدة، بل يحتاج الى ان تضعه بين عدد قليل من قضاياها المهمة، فهناك رجال ونساء وأسر أصبحت حياتهم ممزقة بكل معنى الكلمة، لكن تضحياتهم تضمن لهم الاهتمام حتى النهاية.لقد تحسنت الحالة العسكرية والسياسية في العراق بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين. والحكاية، على أية حال، لم تنته بعد. ففي الأشهر القادمة ستتم إعادة عدد كبير من الجنود القدامى من العراق، وهم بحاجة الى إزالة الضغط ورؤية الحياة بمنظور آخر والحديث عن الحياة اليومية التي نسوها أثناء فترة التحاقهم بالخدمة العسكرية فالتعامل بشكل ملائم وإعطاء أهمية لحرب العراق من قبل الحكومة ووسائل الإعلام والشعب لا توقف الضغط على الجنود العائدين فقط، بل تتشرف بخدمتهم، وعلى جميع الأطراف السياسية المطالبة بذلك، فقد يكون هذا احد أفضل السبل لدعم القوات.rnعن/ هيرالد تربيون
مذكرات عسكري أمريكي.. استذكاراً للعراق
نشر في: 9 يونيو, 2010: 05:28 م