رعد العراقي
عند أي انتكاسة تتعرّض لها الكرة العراقية، تتركّز الاصوات الساخطة مطالبة بإيجاد الحلول من خلال إقالة الملاك الفني أو ضخّ دماء جديدة للمنتخب وغيرها من إجراءات تستهدف تهدئة الشارع الكروي، إلا أن الملاحظ في السنوات الأخيرة برزت حالة جدبدة وهي تسليط الأضواء على اللاعبين المُغتربين من أصل عراقي، والدفع باتجاه الاستعانة بهم كأحد الحلول السحرية لانتشال الكرة العراقية من محنتها الحالية!
الأمر يبدو طبيعياً طالما أن من حق أي لاعب يحمل الجنسية العراقية سواء في الداخل أو الخارج أن ينال شرف تمثيل بلده في المحافل الخارجية حين يكون جديراً بذلك، إلا أن الغريب في الأمر هو تلك الحملة غير المسبوقة في إبراز مواهب المغتربين وانجازاتهم في الملاعب الأجنبية حتى إمتلأت المواقع الإلكترونية والصحف لأخبارهم واستعداداتهم لوضع امكانياتهم في سبيل تطوير الكرة العراقية.
لم يشعر بعض المروّجين بأي حدود لتقييم مستوى اللاعب الحقيقي سواء من خلال امكاناته الفنية الفردية أو دوره مع الأندية التي يلعب فيها ليكون التقييم موضوعياً يمنح اللاعب حقّه ويحقق الهدف المنشود، وبالتالي يحترم عقول الجماهير الرياضية المتابعة لكل ما يكتب أملاً منها في رؤية كل ما يحقق طموحها في تجهيز المنتخب الوطني بكل مقوّمات القوّة لعودته الى نغمة الانتصارات!
وبناء على ذلك، فإن هناك الكثير من الاسماء جرت المفاضلة بينها والخوض بامكاناتها العالية التي تشدُّ المتابع وتحلّق به الى عالم الخيال الواسع لتقترب به من لمس كأس العالم لو تمّ استدعاء هذا اللاعب أو ذاك الى صفوف المنتخب، ووسط هذه الاحلام يُتجاهَل السؤال عن اسم ومستوى النادي الذي يلعب له، وهل هو أساسي أم لا، وعمره الكروي وخبرته، والأهم انجازاته الفعلية التي يجب أن ترتقي الى مستوى إرتدائه فانيلة الوطن!
أما أن يكون تواجده مع أي نادٍ أجنبي حتى وإن كان شعبياً هو شهادة على رُقيّ مستواه، يمنحهُ الأفضلية على اللاعب المحلّي فتلك نظرة تحمل الكثير من السلبيات لأن هناك عديد اللاعبين يلعبون في دوريات الدرجة الثانية والثالثة أو حتى يمثلون مقاطعة ما وهي بالتأكيد لا يمكن أن تكون أفضل من الدوري العراقي فنياً! مع ضرورة وضع أكثر من علامة استفهام لعدم الاستفادة منهم في منتخبات البلدان التي يلعبون فيها طالما تتوفر بهم مواصفات اللاعب المتكامل، ونحن نعرف أن هناك عيون تراقب ونادر ما تخطئ في احتضان وإغراء المواهب الحقيقية!
الأمر الأكثر خطورة هي محاولات البعض دقّ ركائز الفتنة عبر نشر ثقافة العداء والإيحاء بوجود توجّه عدائي من اللاعب المحلّي نحو اللاعبين المغتربين في هجمة تسقيطية غير مسبوقة ولا تتناسب وقيمة الانسان العراقي وجذوره الأصيلة التي إن أهتزّت عند شخص معيّن لسبب ما فهي لا تمثّل تعميماً على الجميع كما هو الحال عند اللاعبين المغتربين، فلا يشترط أن تكون أفعالهم وتصرّفاتهم بعيدة عن الوقوع بخطأ التصرّف، وبالتالي لا يمكن أن نطلق الاحكام بإتهام من هو محلي ونُنزّه بالمُطلق جانب اللاعب المغترب، وإنما ننظر للجميع بمقياس واحد وفقاً للفعل والتصرّف.
باختصار على اتحاد الكرة برئاسة عدنان درجال والملاك التدريبي بقيادة الهولندي ديك أدفوكات أن يكون تعاملهما مع ملفات اللاعبين المغتربين أكثر دقّة وعلمية لتحقيق الفائدة المرجوّة وتستقطب من يثبت امتلاكه الإمكانيات الفنية الحقيقية من دون التاثر بما يتم طرحه من تهويلات مبالغ بها وأن لا يكون اختيارهم هو أسلوب جديد هدفه كسب التأييد تحت عنوان تحقيق العدالة أو استجابة لضغوط مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل كل هذا فإن من الأهمية بمكان أن نجد أرضية صالحة لتحقيق الوئام والتعايش بين جميع اللاعبين العراقيين بلا أوصاف، وإزالة حالة التوجّس والاحتقان التي أوجدها البعض وفرضها كورقة ضغط لتسقيط اللاعب المحلّي وحصر المنتخب بمن هو تحت وصف المغترب.
ليكن شعارنا .. المنتخب للجميع ولمن هو أصلح فقط.