TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بصرة السياب تحتفل بالكتاب

العمود الثامن: بصرة السياب تحتفل بالكتاب

نشر في: 20 أكتوبر, 2021: 12:01 ص

 علي حسين

لن يكتب الشعراء من بعده مثل "غريب على الخليج".. ولن يعاتب عاشق وطَنَه بمثل ما عاتب السياب:

البحر أوسع ما يكون وأنت أبعد ما تكون..

والبحر دونك يا عراق

بدر كان مغرماً بما يكتب، يعتقد أن الفكر والشعر سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، ومجتمعاً آمناً لا تقيّد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يتربصون به كلّ ليلة... ديمقراطية، تنحاز للمواطن لا للطائفة، وتنحاز للبلاد لا للحزب والعشيرة. عاش السياب أسير أحلامه، متنقلاً في الشعر والحب والمرض، ليعيد لنا اليوم حكاياته ونحن نحتفل به في معرض البصرة للكتاب.

كنت أنوي الكتابة عن معارك الكراسي "المصيرية"، لكنني وجدت أن صاحب العمود الثامن ربما تناسى أو تغافل حدثاً ثقافياً مهماً وأعني به "معرض البصرة الدولي للكتاب". فأنا أنتمي إلى قوم لا يمكنهم تخيل عالم لم تظهر فيه الكتب، التي سطرهتا مجموعة من الأحرار علموا البشرية قيمة وأهمية الحياة، لكني بالأمس وأنا أتصفح مواقع الصحف ووكالات الأنباء شعرت بأنّ كاتباً مثل حالي عليه أن يترك ولو بشكل مؤقت خطب السياسيين وصراعاتهم التي تقع على رؤوس العراقيين، ويذهب ليحدّث القرّاء عن أفلاطون الذي ظل يصر على أن تعاسة البلدان لا يمكن أن تزول ما لم يتمتع حكامها بفضيلة التعلم. "إن طلب العلم شرط لمن يتقلد زمام الحكم، والسبب هو ما يتميز به الحاكم المتعلم من حكمة وصدق".

سينظر القراء إلى الكتب التي غصت بها قاعات معرض البصرة الدولي للكتاب، وأسرح مع البصرة التي تعيش اليوم عرسها الثقافي مع الكتاب، المدينة الجميلة أيام كان فيها الأصمعي يعلّم الجاحظ معنى الشغف بالكتاب: "الكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والجار الذي لا يستبطئك، والصاحب الذي لا يتملقك، ولا يخدعك بالنفاق"، تلك كانت بصرة الفراهيدي والمندائي وإخوان الصفا .

دائماً كنت أسأل نفسي: ترى كيف سيكون شكل العالم لو لم يكتب فيه ديكنز روايته "الآمال العظيمة"، ولم يحول فيه المتنبي الشعر إلى نصوص في الحِكَم، ولم يعلمنا عمر بن أبي ربيعة أن مديح النساء أبقى أثراً من مديح كل الحكام؟، هل يمكن أن نتخيل بريطانيا من دون سؤال هاملت الأزلي: أكون أو لا أكون؟، ماذا يبقى من انقلابات أمريكا اللاتينية غير ذكرى حكايات يوسا، وساراماغو، وإيزابيل أللندي ومعلمها ماركيز؟، ماذا يبقى من أميركا لو لم يكتب لها همنغواي "الشيخ والبحر"؟ .

أعطتنا الكتب المنفعة والمتعة في هذه الحياة. وحولت لنا الأرض إلى قرية واحدة ، كتب زودنا أصحابها بالحكمة ومؤرخون حفظوا لنا حكايات التاريخ وعبره، شعراء صنعوا لنا أحلاماً وآمالاً وعوالم جميلة، و نرى البصرة من خلال الجواهري وهو ينشد في مربدها : يا " ابن الفراتيّن" قد أصغى لك البلدُ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram