علي حسين
وضعتُ هذين الاسمين وأنا أتوقع أنْ يلومني البعض من القرّاء الأعزّاء على حماقتي، وقبل أن يُعلّق أحدهم قائلاً: أنت ينطبق عليك المثل القائل: "البطَرُ عند الرخاء حُمْق" والحمد لله لا أعيش في مجتمع الرخاء، وإلّا لكنت الآن أعيش في لندن أُسوة بالعلامة إبراهيم الجعفري، الذي عاد منتصراً إلى مدينة الضباب براتب مليوني وصفقات مالية، أو في أبسط الأحوال يوضع اسمي بالخطأ ضمن قائمة المسؤولين الذين لم يكتفوا بالامتيازات، بعد أن اكتشفت الدولة أنهم بلا مأوى ويعيشون في الخيم، ولابد من توطينهم في بغداد .
لم أضحك منذ مدة طويلة قدر ضحكي على ردود أفعال البعض ممن وجدوا أن بغداد لا تستحق أن تقام بها حفلة غنائية، والأكثر طرافة أن بعض ناشطي موقع تويتر حذرونا من أن حفلة إليسا هي مؤامرة صهيونية، وذهب الخيال بالبعض منهم أن كتب إن هذه الحفلة مخطط لها منذ عشرات السنين لتخريب الشباب العراقيين. الحفلة التي اعتبرها البعض غريبة على بغداد التي يجب أن تظل حزينة، خائفة، ممنوع عليها الضحك والغناء لأنهما أفعال من عمل الشيطان..فكيف يسمح لمدينة مثل بغداد ان تفتح ابوابها للفرح ؟!
سيظل شخصي الضعيف يعتقد أنّ بعض الأحداث يمكن أن نستخلص منها عبراً، فالذين يكرهون الفرح لبغداد لا يهمهم أن تُسرق البلاد، المهم أن نموت في سبيل ترسيخ التجربة الديمقراطية!، قبل أيام وقف زعماء أوروبا يصفقون طويلاً للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وقال رئيس المجلس الأوروبي إن اجتماع دول الاتحاد الأوروبي "دون أنجيلا يشبه روما دون الفاتيكان أو باريس دون برج إيفل". ولأننا نعيش في بلاد يمكن أن يضحك على المواطنين فيها شخص مثل النائب "محمد زيني" الذي اختفى بعد الجلسة الأولى للبرلمان، ولم نسمع صوته الذي غاب في ظروف غامضة، واختفت معه مشاريعه التي وعدنا بها وكان أبرزها أن يحول العراق إلى دولة مثل ألمانيا، وعاد الى لندن يمارس دوره الرقابي بالقرب من إبراهيم الجعفري وخالد العطية، في الوقت الذي تعيش فيه هذه البلاد أزمة بسبب الانتخابات، وهي بالمناسبة لا تختلف عن الأزمة عاشتها ألمانيا، بعدما فقد حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعض مقاعده في الانتخابات الأخيرة، مما دفع ميركل إلى إعلان أنها ستتخلى عن رئاسة الحزب، ولن تترشح لولاية جديدة.. تخيلوا المستشارة "القوية" التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه وعاشت معها ألمانيا أهنأ مراحلها، قررت الاعتزال، ليس لأنها لفلفت عشرات المليارات او عينت اقاربها سفراء ، فقط خسر حزبها الانتخابات بعض المقاعد ، في الوقت الذي خسرفيه المواطن الانتخابات قبل أن تبدأ لأن بغداد لا تحتمل نموذجا مثل ميركل !