د. حيدر محمود محسنتسعى المجتمعات المتحضرة إلى خلق وعي عام لدى الأفراد من خلال نشر الثقافات المتعلقة بالجوانب الصحية والبيئية والأمنية والقانونية وما يرتبط بالمجتمع والدولة من ثقافات عامة؛ والإعلام هو أحد وسائل صنع الوعي العام والذي يتمثل في مجموعة الوسائل التي توصل المعلومة إلى السلطة والمجتمع على حد سواء وتكون المؤسسات الإعلامية إما مقروءة أو مسموعة أو مرئية
وقد دخل في الوقت الحاضر وسائل الإعلام الالكتروني وهو من اخطر أنواع الإعلام؛ وبالتأكيد لا مجال للقول بحرية الإعلام دون وجود الديمقراطية فقد يأخذ الإعلام دوراً سياسياً كبيراً والذي من أهم واجباته (الإعلام السياسي) أن يُقوم السلطة وأن يُنبّه المسؤولين إلى الأخطاء الواجبة التصحيح مع الحفاظ على الحقوق القانونية وفي حدود القانون للوصول إلى بناء دولة القانون.وبهذا المعنى يشكل الإعلام بوسائله المتعددة المرئية والمسموعة والمقروءة عصب الحياة في المجتمعات البشرية بصفته مصدراً رئيسياً في بناء الحياة الاجتماعية للمواطن، وهو المرآة التي تعكس مدى ما توصلت إليه الأمم من رُقي، والصوت المعبر عن مواقف الإنسان وتطلعاته؛ إذ أصبح الإعلام في وقتنا الحاضر ذو أهمية قصوى حيث لا يمكن من دونه معرفة ما يحدث في المجتمع، فهو أحد عناصر نسيجه يتفاعل معه ويؤثر فيه ويتأثر به. إن أي مجتمع لا يمكن أن يكون ديمقراطياً إلا إذا كانت وسائل الإعلام والمجتمع بجميع مكوناته يعرف حقوقه وواجباته ومسؤولياته، وملتزم بالقانون ويحترم ويقبل الرأي والرأي الآخر، فأساس المجتمع الديمقراطي هو الإعلام الحر الذي يشكل أداة البناء والنقد والتوعية، وهو سلاح الحوار ومحوره، وهو أفضل السبل وأقواها لتحقيق مجتمع ديمقراطي يدافع عن حقوق الإنسان ويصونها، منفتح على الأفكار والآراء المتعددة والمتباينة .لذا ينبغي على المؤسسات كافة الاستفادة قدر الإمكان من الوسائل الإعلامية المتاحة والاهتمام بالتوعية الجماهيرية لخلق رأي عام لدعم المحكمة الجنائية الدولية ودفع الحكومات وتشجيعها للانضمام لاتفاقية روما؛ كما يتوجب عليه (الإعلام ووسائله) تبديد المخاوف الحكومية من جهة حصانة رأس الدولة أو غيرها من المسائل التي يعتقد أنها تمس السيادة الوطنيـــة في حال الانضمام لعضوية المحكمة الجنائية الدولية.إذ وكما هو معروف للجميع لم تكن ولادة المحكمة الجنائية الدولية سهلة، إذ مرت بمراحل عديدة، وواجهت صعوبات مختلفة عكست توجهات الدول المشاركة في المفاوضات، وزاد الأمر تعقيداً اختلاف النظم القانونية لدى الدول المشاركة.ورغم تلك الصعوبات يبقى تأسيس المحكمة الجنائية الدولية أهم إنجاز في مجال القانون الدولي منذ تأسست الامم المتحدة؛ ويعد هذا نصراً حقيقياً لدعاة حقوق الإنسان في العالم، وأن وجود المحكمة أصبح ضرورياً الآن نظراً لاستمرار بل وتزايد الانتهاكات التي تقع على الأفراد، ضحايا أشد الجرائم خطورة مثل جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان دون أن تتم ملاحقة الأفراد المسئولين عن أرتكاب هذه الجرائم والذين غالباً ما يتمكنون من الإفلات من العقاب بسبب حصانة مراكزهم.وهنا يأتي دور الاعلام بوسائله المتعددة سواء كان عراقياً أو عربياً أو أجنبياً في دعم انضمام العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية والذي يعد دوراً محورياً لكونه (الاعلام ووسائله) هو الوسيط بين صناع القرار والجمهور وتقع على عاتقه وظائف متعددة تتمثل في التثقيف والإعلام والتعليم ونقل المعلومة والخبر من القائم بالاتصال إلى المتلقي.ومن خلال ورقة العمل هذه ندعو ونطالب الجهات الحكومية العراقية إلى العمل بجدية على تفعيل انضمام العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية لما فيه من حفاظ للحقوق وفي مختلف المجالات، كما ندعو وسائل الإعلام أن تقوم بواجبها بالتعريف بالمحكمة الجنائية الدولية واختصاصات عملها بشكل عام والهدف من تأسيسها والقيام بدور فاعل في تحفيز صناع القرار والرأي العام العراقي على الانضمام اليها من خلال إنشاء مراكز استطلاع رأي قانونية – إعلامية والقيام بدورات تثقيفية في هذا المجال . وهذا يتطلب من المؤسسات المعنية بانضمام العراق إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية.أن تقوم بإطلاق حملة إعلامية وإعلانية واسعة من أجل الوصول إلى الهدف المنشود تحقيقه وباستخدام الوسائل الإعلامية والإعلانية كافة بهدف تكوين قاعدة حكومية وشعبية مؤيدة لانضمام العراق لعضوية المحكمة الجنائية الدولية.
دور الإعلام فـي دعم انضمام العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية
نشر في: 11 يونيو, 2010: 04:44 م