خليل جليليبدو ان شعب جنوب أفريقيا حيث يعيش العالم معه هذه الأيام أجواء مونديال 2010 مهتما كثيرا بتقديم نفسه كشعب تواق لكرة القدم وتواق للتطور والتقدم ليس في مجمل الحركة الرياضية ، بل في كل أشكال الحياة الأخرى حيث يعكس على صفحاتها بأنه واحد من الشعوب المتحفزة لنهضة كبيرة سواء في كرة القدم ومنشآتها أم في بقية أنواع التطور الرياضي والحياتي مثلما وصلت اليه جنوب أفريقيا هذا البد الذي أصبح قبلة للعالم وترنو اليه كل أنظاره، بل سرق كل وسائل الإعلام.
واللافت في هذا الشعب البناء المتفهم لمعاني التقدم والتطور والتضحيات التي وضعته الآن في مرتبة لا يمكن تجاهلها والتغاضي عنها ونحن نعيش ايام مونديال 2010 بطقوس تختلف تماما عن طقوس كل نهائيات كأس العالم السابقة اذ يقدم شعب جنوب أفريقيا نفسه ويقدم بلده كواحد من البلدان القادرة على النهضة ومسايرة التقدم التكنولوجي والحياتي الهائل الذي يعطي لجنوب إفريقيا هوية متميزة وهي تعلن اكبر تحدٍ للعالم لإثبات جدارة الاستضافة وفق ما تتطلبه من أعلى شروط النجاح المنقطع النظير.والذي يعيش أجواء مدن جنوب أفريقيا الخلابة هذه الأيام وتفاصيل حياتها الهادئة والصاخبة وهي تعيش على إيقاع المونديال يتلمس ان كل شيء في جوانب وأزقة هذه المدن الجميلة التي يسكن فيها من يحتمي بمسكن متواضع ومن يعيش في منازل فارهة حيث تحيط بها كل المتناقضات الجميلة الممتعة يتأكد ان هذا الشعب التواق للتقدم قد وضع مقارناته الطبقية خلف ظهره وانشغل بتقديم بلده الى العالم ليكون شاهدا حياً على هذا الشعب المنتج المتعاطي مع كل ما يقع على عاتق بلده بروحية العمل والصبر والإبداع فجنوب أفريقيا اهم من كل شيء لديه.إن مظاهر الاحتفالات الشعبية العفوية التي تكتظ بها شوارع ومنازل وساحات وملاعب مدن جنوب أفريقيا وكل مرافقها الحياتية هذه الأيام وانصراف هذا الشعب اليها قد تعدت كل أشكال النزعة المتطرفة التي ألمحت الى ان منتخب البلد المضيف سيسرق هذا الاهتمام من مشجعيه وانصرافهم عن مظاهر المونديال بيد ان الوقائع تشير الى ان شعب جنوب أفريقيا يسير مع منتخبه بموازاة ما يهتم به من معايشة أحداث ومعالم المونديال فقضية إبهار العالم اكبر من قضية تشجيع المنتخب.منتخب جنوب أفريقيا صحيح سيقف خلفه الملايين من محبيه الذين عرفوا بآلاتهم الموسيقية المزعجة والمدوية بشكل مستمر على مدى 90 دقيقة وقف مشجعوه أيضا خلف كل المنتخبات التي شاهدناها في بطولة كأس القارات وساهموا بإحياء تلك البطولة بعدما راهن الكل على ان ملاعب جنوب أفريقيا ستكون خالية بعد خروج المنتخب من الدور الأول للبطولة لكن الذي حصل كان عنوانا لمفاجأة كبيرة دفعت مسؤولي فيفا على المراهنة بشأن قدرة هذا الشعب لإنجاح استضافة مونديال 2010 برغم كل الإغراءات التي قدمت من قبل بلدان دخلت على خط الصراع وقدمت نفسها كأماكن بديلة طارئة لاستضافة هذا الحدث الكروي العالمي.إن مونديال جنوب أفريقيا حيث يعيش العالم سحره هذه الأيام وسحر البلد المضيف الذي تحيطه المياه والبحار وكل أشكال الطبيعة الخلابة التي تجذب الملايين من السياح لزيارة هذا البلد الجميل يعيش في كل زاوية من زوايا المدن والشوارع والأزقة هناك حيث تحولت المقاهي والمطاعم والفنادق والساحات الصغيرة ومحال البيع وورش الصناعات الشعبية التراثية الى لوحة إعلانات كبيرة مونديالية لهذا البلد الذي عاش في الذاكرة كواحد من البلدان التي عانت كثيرا وعاشت تفاصيل مريرة من مراحل التحرر حتى أشعرت نهائيات كأس العالم بأن زعيم جنوب إفريقيا السابق وملهم شعبها للبناء والتحرر مانديلا ابن الخامسة والثمانين وكأنه يعود الى صبي لا يتجاوز عمره خمسة عشر عاماً بسبب استضافة المونديال حسبما أشار إليه مانديلا كأنه يحقق حلماً مؤجلاً، حلم شعبه.
وجهة نظر.. جنوب أفريقيا تقدم نفسها
نشر في: 11 يونيو, 2010: 05:38 م