د. فالح الحمـراني
وجهت تركيا طعنة جديدة لشريكتها الاقليمية روسيا ببيعها دفعة من طائرات من دون طيار من نوع بايراكتار لاوكرنيا التي باشرت باستخدامها في منطقة دونباس حيث تقع جمهوريتا لوجانسك ودونيتسك الشعبية ذات الاغلبية الروسية، واللتان اعلنتا عن استقلالهما من جانب واحد. ويُزعم أن هذا النوع من الطائرات بدون طيار ضربت لأول مرة التشكيلات المسلحة للإقليمين في جنوب شرق أوكرانيا. وقد تجر الخطوة التركية غير المدروسة الى مواجهة شاملة.
واثارت خطوة انقرة الغضب في موسكو على مختلف المستويات. ولكن كيف سترد روسيا على هذه الخطوة المهددة؟، وهل ستكتفي بخطوات خفض مستويات التبادل التجاري التي تلحق الأضرار باقتصاد تركيا؟، أم هل تجمد المشاريع الحيوية الثنائية؟، او تذهب ابعد من ذلك بدعم المعارضة الكردية مثلا وغيرها. اسئلة من السابق لآوانه ايجاد أجوبة عليها. ولكنه هناك فهم يتأكد لدى الدوائر الروسية بان تركيا شريك لايمكن الرهان عليه وغير موثوق به. وكانت قوات الدفاع التركية قد اسقطت مقاتلة سوخوي روسية في سوريا عام 2015 اسفر عن مقتل طيارين. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينها الحادث بانه طعنة تركية بروسيا من الخلف.
وياتي ظهور الطائرات التركية من دون طيار في سماء دونباس مع زيادة تواجد المعدات العسكرية الثقيلة على خط التماس مع الجمهوريتين غير المعترف بهما. وظهور مؤشرات على أن كييف تستعد لشن هجوم عليهم، لن تقف منه روسيا موقف المتفرج. ويعتقد الخبير العسكري أولكسندر كرولينكو أن التوتر المتزايد في دونباس واستخدام بايراكتار من قبل القوات المسلحة الأوكرانية هو «دليل على تهور واشنطن وكييف ، التي لا يمكنها إلغاء اتفاقيات مينسك أو إطلاق نورد ستريم 2 تجاوز أوكرانيا. وإن»عرض بايراكتار» من قبل القوات المسلحة الأوكرانية يعكس الواقع الذي تستخدم فيه واشنطن كييف كأداة بدائية لمواجهة موسكو «.
وأعلن قائد القوات المشتركة للقوات المسلحة الأوكرانية ، اللفتنانت جنرال سيرجي ناييف ، بدء الاستخدام الواسع النطاق للطائرات بدون طيار التركية في دونباس. ووفقا لما قاله نيف فقد ثبت أن الطائرات بدون طيار بايراكاترفعالة للغاية ، وبالتالي فإن فترة استخدامها النشط قد بدأت الآن. وبرأيه قد تشكل استخدام الطائرات بدون طيار بايراكتار في دونباس بداية مشاكل خطيرة للغاية لقوات الميليشيات في جمهوريتي لوجانسك ودونيتسك الشعبية ، حيث أن الاشتباكات التي استمرت لمدة أسبوع أظهرت ان ليس لدى الإقليمين وسائل لاكتشاف الطائرات بدون طيار والتصدي لها. في الوقت نفسه.
وفي أول رسالة من موسكو لانقرة عن التداعيات المحتملة،أشار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى أن مثل هذه المعلومات تخضع للتوضيح وإعادة التحقق. وأضاف : في الوقت نفسه ان مثل هذه البيانات يجب أن تجعل كل الاطراف التي تسلح كييف، الإمعان في التفكير، في اشارة كما يبدو إلى ان موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي وكالعادة سترد بالمثل.
وقال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف إن إمداد أوكرانيا بطائرات بدون طيار تركية من طراز بايراكتارقد يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع في دونباس. واضاف:»لدينا علاقات خاصة وجيدة حقًا مع تركيا، ولكن في هذه الحالة، للأسف ، تأكدت مخاوفنا من أن إمداد الجيش الأوكراني بمثل هذه الأنواع من الأسلحة يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع على خط التماس». وفي وقت سابق، بعد لقاء فلاديمير بوتين مع رجب أردوغان في 29 سبتمبر، قال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي إن موقف روسيا الإتحادية من هذه القضية هو أن «نقل أنظمة الأسلحة إلى أوكرانيا محفوف بحقيقة أن هذه الأسلحة يمكن أن تستخدمه القوات المسلحة الأوكرانية ضد شعبها «. وقال بيسكوف «هذا الموقف معروف جيدا ومعروف جيدا في تركيا» مشيرا إلى وجود «خط أحمر» معين.
من الواضح تمامًا أن هذا التعليق موجه إلى تركيا، التي كما يرى مراقبون روس لم تدرس بجدية طرق تعزيز مصالحها الوطنية. التي يرتبط بعضها بتصدير أسلحة القرن الحادي والعشرين - طائرات بدون طيار للقتال والاستطلاع في دول ما بعد الاتحاد السوفيتي. المعروف ان الأسلحة التركية لعبت دورا اساسيا في تحقيق اذربيجان النصر على ارمينيا في حرب كارباخ الأخيرة.
وتجدر الإشارة هنا إلى ان ما اشار اليه المراقب الروسي عن انعدام الوضوح السياسي (قصر النظر) لدى أنقرة في مسألة اختيار العميل، وهو الأمر الذي يضع العلاقات الروسية ـ التركية على المحك للتأكد من قوتها في قضية حساسة لموسكو مثل النزاع المسلح في شرق أوكرانيا.وتتجدد الآن ، في الفضاء الإعلامي الروسي وبين السياسيين ،الدعوات لبناء علاقات أكثر صرامة مع تركيا وبشدة متجددة. وتسببت عمليات تصديرالأسلحة التركية إلى أوكرانيا في اثارة موجة انتقادات ضد القيادة التركية.
ويجمع المراقبون العسكريون ان على الجانب التركي يدرك أن حجم توريد هذه الأسلحة لأوكرانيا (أقل من 50 طائرة بدون طيار) غير قادر على تغيير موازين القوى الاستراتيجية في شرق اوكرانيا. فقوات المنطقة العسكرية الجنوبية وأسطول البحر الأسود الروسي لا تترك أي فرصة للقوات المسلحة لأوكرانيا للتحرك، مع أو بدون طائرة بدون طيار.
هناك قراءة ترى ان الاتراك غير معنيين في دونباس في الدفاع عن احد، كما انهم غير معنيين في الدفاع عن «التركمان السوريين والعراقيين» أو «الأذربيجانيين» أو «الأصدقاء» الآخرين ، ولا يسعون لحيازة اراضي أجنبية، ويحركهم فقط دافع تجاري بحت، ولا تهدف انقرة حتى إلى إقامة علاقات طويلة الأمد مع أوكرانيا، حتى في مجال التعاون العسكري التقني،فكييف تتمتع بفرصً محدودة للغاية لشراء أي سلاح ، وخاصة الأنواع الواعدة ، من أي طرف
وعلى وفق تلك القراءة فإن استخدام بايراكتارليس في مكان ما في القوقاز أو الشرق الأوسط ، ولكن مباشرة على حدود الاتحاد الأوروبي ، يمكن أن يهدف إلى زيادة إهتمام بلدان أوروبا الشرقية والوسطى بهذه الطائرات بدون طيار و في بولندا بالفعل من بين العملاء. وظهر الاهتمام بها من قبل لاتفيا والمجر وبلغاريا - وهي دول تقع بطريقة أو بأخرى على خط المواجهة في حلف الناتو. وقد تنضم لائحة المشترين إستونيا ، وجمهورية التشيك ، ورومانيا ، وما إلى ذلك. وبالنسبة لتركيا ، يعد هذا بدوره فرصة لإظهار التزامها بقيم حلف الناتو، وتخفيف التوترات في علاقاتها مع الدول الغربية،وهذا ما يهتم به الأتراك حقًا.
في الوقت نفسه ، من المهم أن نلاحظ أن استخدام الطائرات بدون طيار الأوكرانية تركية الصنع ليس فقط « نسفا لاتفاقيات مينسك» التي هي بمثابة خارطة طريق لتسوية النزاع في شرق أوكراينا،، ولكنه أيضًا سبب لجعل روسيا، إذا لزم الأمر ، استخدام قوات الحرب الإلكترونية. فإنها قادرة ، حسب مراقب صحيفة إزفيستيا، على تعطيل أسلحة القرن الحادي والعشرين بأي ارتفاع تقريبًا.
وبحسب المعلومات التي تم جمعها من بيانات اتحاد المصدرين المتوسطيين في تركيا ، فقد تم خلال 7 أشهر من عام 2021 ، تصدير خضروات وفواكه لروسيا بقيمة 526 مليون و 818 ألف دولار ، وهو ما يعادل 32٪ من إجمالي صادرات تركيا المصدرة خلال هذه الفترة. مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي ، وزاد المعروض من هذه المنتجات بنسبة 14٪. وصدرت تركيا خلال الاثني عشر شهرًا الماضية الفواكه والخضروات الطازجة إلى 150 دولة. احتلت روسيا المرتبة الأولى بمبلغ 1 مليار دولار و 12 مليون دولار. في غضون 12 شهرًا فقط ، صدرت تركيا ما قيمته أكثر من 3 مليارات دولار من الفواكه والخضروات.
وعلى خلفية انباء الطائرات أوقفت مؤسسة استيراد المواد الغذائية الروسية يوم الخميس ، 28 تشرين الأول استيراد اليوسفي من الشركة المصنعة التركية Fikret Degirmenci إلى روسيا اعتبارًا من 29 أكتوبر، حيث «تم العثور على مبيدات حشرية فيها». وسيظل الحظر ساري المفعول حتى إصدار أمر خاص من الإدارة المشار إليها.