TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باختصار ديمقراطي: أعيدوا الحظر المحلّي

باختصار ديمقراطي: أعيدوا الحظر المحلّي

نشر في: 31 أكتوبر, 2021: 11:14 م
رعد العراقي
من دون مقدّمات أعيدوا الحظر المحلّي.. عنوان اخترناه بعناية وقصد مسبق لا يشوبه التأويل أو التلاعب بالمعنى الحرفي له، بل هو قراءة مسبقة وواقعية لما سيصبح عليه حال الكرة العراقية بعد قرار السماح بعودة الجماهير الى الملاعب من دون آلية مُحكمة ومسيطر عليها وما ستجرّه تلك الخطوة من أحداث ووقائع ستطيح بكل ما تبقّى من قيم ومبادئ إنسانية وأخلاقية كانت تمثل تاريخاً راقياً لمدرّجات التشجيع والمؤازرة الجماهيرية الكروية.

فوضى وإنفلات وكلمات نابية ومساحات مشرعة الحدود تتهادى عبر أثيرها ألفاظ مخدّشة للحياء هو مُلخّص صورة وصوت المدرّجات أخذت بالانتشار، تقوده شلّة من المحسوبين على جماهير الأندية فرضت سطوتها ورمت بإساءاتها المتكرّرة على بقية الحاضرين، فاختلطت النوايا وتلطّخ رداء من هو ملتزم بلا ذنب بمخلّفات الجهل والانحطاط اللفظي لمن هو غير ملتزم!
شواهد لا تقبل الشكّ لما نرمي اليه مما جرى خلال بعض مباريات الدوري منذ السماح لعدد من الجماهير من التواجد على المدرّجات حين تحوّلت الهتافات الى سيل من الشتائم والتنكيل باللاعبين لحدود متدنّية ليس أوضح منها ما صدر من تلك الجماهير نحو لاعب دولي في مباراة فريقه القوة الجوية أمام نادي الميناء حين تخلّت عن ثقافة التشجيع بعد أن توشّحت بثوب الحريّة المزيّفة لتمنح نفسها إسقاط كل الحواجز القانونية التي لا تجيز الاعتداء بالسبّ والقذف لأي فردٍ في المجتمع لأي سببٍ كان!
مرّت الواقعة مرور الكرام، من دون أن يتّخذ اتحاد الكرة إجراءاً رادعاً أو يصدر بياناً يستنكّر فيه تلك الأفعال ليس حماية للاعب فقط، بل لشرف ونزاهة الكرة العراقية والتشجيع النظيف ممّا سُمح بتكرار تلك الأفعال بأشكال أخرى كان آخرها ما حدث في مباراة الشرطة ونفط الوسط وما رافقها من صيحات وتقاذف بالكلمات والإشارات بين الجماهير وأحد اللاعبين كانت تمثّل وصمة عار أجبرت العوائل العراقية وكل المشاهدين ممّن تابعوا المباراة من خلال قنوات التلفاز على سماعها بلا حياء!
ألا يعلم اتحاد الكرة أن قرار عودة الجماهير الى الملاعب بعد سنتين من الانقطاع بسبب وباء كورونا كان لابدّ أن يصاحبهُ تمهيد توعوي وضوابط ملزمة وإجراءات عقابية لكل من يحاول أن ينسف المنظومة الأخلاقية بتصرّفات صبيانية بعيدة عن الذوق والمبادئ الراسخة لشعب معروف بعظمة خلقه وأخلاقه؟
ألا يعلم اتحاد الكرة أيضاً أن العوائل العراقية شغوفة بمتابعة المباريات عبر أجهزة التلفاز وإن كل ما تسمعهُ من ألفاظ تمثل مسؤولية يتحمّلها القائمون على الدوري؟ 
وأخيراً من يتحمّل آثار الصورة السيّئة التي يلتقطها المُشاهد ما وراء الحدود لشكل وثقافة الجماهير الكروية ويجد فيها خير حجّة لاسقاط الحظر الدولي عن ملاعبنا كونها غير مؤمّنة من فوضى الجمهور؟
نقول.. حين نطالب بعودة الحظر المحلّي على الملاعب التي تجري عليها مباريات الدوري الممتاز، إنما نستهدف من ذلك إعادة تقييم التجربة من قبل اتحاد الكرة وما رافقها من أحداث وتصرّفات ودراسة محدودية الإيجابيات مقارنة بالكم الهائل من السلبيات وصولاً نحو وضع الحلول الناجعة إعلامياً وإداريا لضبط المدرّجات وفرض سلطة القانون على كل من يُحرّض على اطلاق الإساءات عمداً وإلزام كل روابط المشجّعين على تغيير نهجهم وتحميل رؤسائها مسؤولية ما يجري من صور التجاوز أو استخدام الألفاظ المخدّشة للحياء، وبخلافه يحظر حضور أية مباراة لقيادة الرابطة.
باختصار.. ثلاثة أركان مهمّة ستتهاوى أمام أنظار الجميع، إن لم يتّخذ إجراء فوري وحاسم للسيطرة على مدرّجات التشجيع، الأول أن تذهب المباريات نحو الفوضى، وربّما الاشتباكات غير مسيطر عليها ممّا يعرّض اللاعبين والجماهير للخطر، والثاني هو الدفع بالجمهور الملتزم والعوائل العراقية نحو العزوف عن مشاهدة المباريات التي تندرِج ضمن مفهوم الفن الكروي الهابط والخادش للذوق العام، أما الثالث فإن كل الجهود المفترضة لرفع الحظر عن الملاعب العراقية ستذهب أدراج الرياح بمجرّد أن تصل تقارير صادمة الى الاتحاد الدولي تؤكّد وجود ثغرة وعدم سيطرة على انفعالات وتصرّفات الجماهير داخل الملاعب وما أكثر تلك التقارير!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: طاعون الفشل

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: هلوسات مرشح خسران!!

العمود الثامن: رجاء اقرأوا التدوينة

قناديل: كفكف دموعك واتبع سيدوري

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

 علي حسين تستيقظُ صباحا، فتجد ان مسلسل الكيانات الطائفية يواصل عرض حلقاته بنجاح ، وكان آخرها الحلقة التي قام ببطولتها محمود المشهداني وفيها يعلن عن تشكيل كتلة سنية جديدة ، اتمنى ان تركز...
علي حسين

كلاكيت: "عن الآباء والأبناء"… وراثة العنف

 علاء المفرجي وجدت الأفلام الوثائقية، في بداية الثورة السورية، طريقها إلى التشكّل عنصراً مهمّاً في توثيقها منذ بدايتها. ساعَد على ذلك التطوّرُ التقني الذي لمع في سنوات الثورة. لم تعرف أماكن ساحات الاعتصام...
علاء المفرجي

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

غالب حسن الشابندر من الخطا التعامل مع موضوعة البحر الاحمر بلغة الدول المتشاطئة فحسب ، لأن الموضوع سياسي ، ولذلك التعامل ينبغي أن يكون بلغة (الجيوسياسي ) وليس الجغرافي ، وفي ضوء هذه النظرية...
غالب حسن الشابندر

المخطوطات..بين الموجود والمفقود

رشيد الخيون عندما نقرأ عن شغف الأقدمين، بجمع الكتب العربيَّة الإسلاميَّة، نعني المخطوطات، فكان ظهور آلة الطّباعة حداً بين المخطوط والمطبوع، وذلك خلال القرنين السَّادس عشر والسَّابع عشر. لذا، لم يسترعِ ما خُط بعدهما...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram