علي حسين
خبر مفرح.. الحكومة قررت تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث ديالى ، وماذا بعد ياسادة ؟، ستشكل لجان لدراسة تقرير اللجنة، وبعد؟ سيتحول التقرير إلى ملف سري "يُدفن" في جرّار من جرّارات الدولة التي تقف متفرجة، وهي تقرأ وتسمع وتشاهد مثيري الفتن وهم يطالبون باجتثاث مناطق بأكملها..
في كل مرة أقرأ خبراً عن تشكيل لجنة أتذكر رواية المصري صنع الله إبراهيم الذي أراد أن يقدّم شهادته عن عالم لجان التحقيق العبثي، فاختار أن يكتب روايته المثيرة "اللجنة" يرسم لنا فيها صورة قاتمة لعالم تكون فيه اللجان المضحكة نموذجاً يحدد مصائر الشعوب، وحالة الانتهازية والكذب والخديعة التي يصرّ المسؤول الكبير على أن يفرضها على الناس.
في كل مرة ننتظر تقرير اللجنة فنجد أن المسؤولين عنها يصرون على أنها سرية وأنها توصلت إلى المتهمين، وأن المختطفين تمت معرفة الجهات التي خطفتهم، لكن "وآه" من لكن!، اللجنة لا تستطيع نشر تقريرها حرصاً على السلامة الوطنية.
في رواية "اللجنة" يحاول بطل صنع الله إبراهيم أن يُعلّم أهل المدينة أن حقوق الإنسان مسألة تستحق أن يُقاتَل من أجلها، وأن القوانين ليست منزَّلة من السماء، يحاول أن يفتح أعينهم على أنّ "الشعوب من دون حريّة لا يعود لها وجود".. ولهذا تحاول الحكومات الفاشلة أن تنوع المحظورات وتتنافس في سنّ قوانين خاصة بها، وأن ترفع سيف الاستبداد والانتهازية في وجه من يعترض على الخراب، وأن تعلن أنها في غزوة "إيمانية" لمواجهة الإلحاد!!
في كلّ يوم نسير عكس اتجاه العالم، لكننا في الصباح نشكو المؤامرة التي تمنعنا من إصلاح طريق بين مدينتين راح ضحيته المئات، الإمبريالية اللعينة حرمتنا من خبرة البروفيسورة عديلة حمود في إنشاء أحدث المستشفيات ووقفت بالضد من نظرية خضير الخزاعي في بناء مدارس متطورة، ولم تسمح لعبقري مثل محمد إقبال أن يطور مناهج التعليم، ونافست أيهم السامرائي على المليار دولار التي نهبها في وضح النهار، كل ما نحن فيه مؤامرة تحتاج إلى لجنة من الخبراء لا يعرف المواطن المسكين لونهم وطعمهم ورائحتهم..
عندما يقرر البعض أن يبيح لنفسه اللعب على الحبال، فأيّ لجان يحدثون الناس عنها؟ لذلك تتحوّل قرارات اللجان إلى نوع من أنواع السخرية من الناس.. وأتمنى ألّا يسخر مني البعض ويقول: يا عزيزي صدّعت رؤوسنا بالحديث عن الروايات وكتّاب الخيال، بينما الواقع يقول إن المواطن محتار هل يصدق تقرير اللجنة التي تقول إنها لا تريد الكشف عن أسماء الذين يطلقون الصواريخ حفاظاً على النسيج الوطني؟ أم يصدق بيانات جهات تقرر وتنفذ رغم أنف أصحاب اللجان؟.