اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باختصار ديمقراطي: نقد الانتقام أم مهنة الالتزام!

باختصار ديمقراطي: نقد الانتقام أم مهنة الالتزام!

نشر في: 7 نوفمبر, 2021: 11:52 م

 رعد العراقي

لم تشهد الصحافة والإعلام الرياضي على مدار سنوات مضت إنهيار غير مسيطر عليه بحدود وضوابط القيم المهنية مثلما تمرّ به اليوم بعد أن تجاوز البعض كل الخطوط المُحرّمة وأطلق لذاتهِ وأهواءه الكيفيّة في طرح الأفكار واصطياد المواقف وافتعال الأزمات والتفنّن في تسقيط الخصوم المفترضين بصوتٍ عالٍ وألفاظ مُخجلة يشاركه ضيوف ينساقون لرؤيته ويتبنّون بطيب خاطر طروحاته وكأنّ الأجواء وعقول المشاهدين مُلك خالص لهم.

أي مشاهد مُعيبة التي تفرض علينا تحت مسمّى (البرامج الرياضية) ونحن نتابع استعراض لمفهوم مُستحدث للنقد تحت مسمّى (نقد الانتقام) يتمّ تجهيزه خلف الكواليس ويُختار له شخوص تتناغم مواقفهم مع رغبة مقدم البرنامج الرياضي لتبدأ فصول من مشاهد التجريح والتنكيل تتصاعد أثارته مع حجم العداء الشخصي الذي يختزن قلوب وعقول من يجلس حول طاولة الاستوديو، أما هدف تلك البرامج وموضوع الحلقة والحلول المقدّمة له تتلاشى أمام أنظار المشاهد تحت ضجيج وإثارة تلك المشاهد.

حديثنا موجّه نحو من تنطبق عليه تلك الاوصاف، ولا باس ان يستعيد ذاكرة حلقات برنامجه السابقة وأسماء ضيوفه التي تتكرّر دائماً ومحاور المناقشة ولغة الحوار سيصل بسهولة الى قناعة لا لبس فيها بأن كلّ ما قدّمه لم يكن يستهدف إلا جهة بعينها لا تتغيّر فيها إلا محاولة عرض أدلّة جديدة واقتناص زلّة من هنا أو هناك للخصوم وكأنّ العمل المهني اقتصر على التربّص وتحشيد الجهود نحو تقصّي أخطاء الآخرين والتشهير بهم وصولاً أما لإعلان الانتصار باسقاطه أو تركيعه للقبول بشروط الاستسلام وتحوّله بين ليلة وضحاها الى صديق دائم!

المسألة بدأت تأخذ أبعاداً في غاية الخطورة تتعلّق بالاساءة الى مبادىء العمل الصحفي المهني الملتزم ومروراً بمحاولة تغيير فكر وذوق القارىء والمشاهد عبر ترسيخ فلسفة فكرية هجينة بتحويل مهمّة الإعلام والصحافة الى فوضى واستهداف وإثارة مفتعلة لا تعترف بالمحذورات ولا توقفها مصالح وطنية عليا حتى وصلت لمدّيات حسّاسة عبر استباحة الاستهزاء ببعض القيم وفروض طاعة مقدّسة وتوظيفها بشكل أقرب للكوميديا من أجل استمالة مشاعر وهواجس المشاهد في سابقة تُنذر بالكثير من التجاوزات غير المنضبطة مستقبلاً لو مرّت دون محاسبة أو إنذار شديد اللهجة وحازِم.

إن كل ما يجري أصبح مملاً ونواياها الشخصية مفضوحة وبمباركة القنوات الفضائية الراعية له التي يبدو أنها لا تعير أهمية إلا ما يردها من مشاهدات كثيرة من الباحثين عن الصراعات والفضائح والأعمار الصغيرة التي لا تدرك خفايا ما يدور إلا أن الغريب هو الصمت المحيّر للجهات المسؤولة واتحاد الصحافة الرياضية الذي لازال يتّخذ جانب الحياد من دون أن يتحرّك نحو إيقاف نزيف الانحدار والتجاوز ويفرض شخصيته الراعية والمسؤولة عن كل من يحمل اسمه، ويضع أسساً رصينة يحافظ فيها على مساحة الحريّة الصحفية والإعلامية المُنضبطة ويمنع استغلالها من قبل البعض لتحويلها الى حُرية منفلتة!

المشهد الرياضي العراقي المتأزّم يحتاج لصحافة وإعلام رياضي مهني ومحايد يشخّص الأخطاء ويقدّم الحلول المنطقية بشفافية ويرتقي باساليبه ووسائله نحو النهوض بثقافة الجماهير، ويؤسّس لنهج فكري مبني على لغة مهذّبة وخطاب متّزن يذهب نحو المعالجة ويبتعد عن الشخصنة أو محاولة توظيف الصفة المهنية في الحصول على منافع شخصية أو مراتب شهرة وانتشار إعلامي مزيّف.

باختصار.. هناك من يحاول أن يفرض سطوته في تسيير وتوجيه العمل الصحفي والإعلامي الرياضي وفقاً لرؤيته ومزاجه الفكري من دون الرجوع لضوابط مؤسّسته الأم متستّراً وراء حرية الرأي وغطاء الجهة الإعلامية الأهلية التي يعمل فيها وهو ما يفرض التفكير جدّياً كمقترح نطرحه بالسعي نحو استحصال الموافقة لتشريع قانون يُلزم كل الجهات الإعلامية والصحفية الأهلية باستحصال موافقة وتزكية الجهة المسؤولة عن البيت الصحفي الرياضي مع صلاحية مراقبة ومتابعة عمله وفق سياقات محدّدة تسمح في إيقافه عن وظيفته عند مخالفته للضوابط والعمل المهني الملتزم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

 علي حسين انشغلنا في الأيام الماضية بأحوال وأخبار النواب الذين قرروا مقاطعة البرلمان ما لم يتم إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يعرف المواطن المغلوب على أمره : لماذا يصر بعض النواب...
علي حسين

قناديل: تشويه صورة تشومسكي

 لطفية الدليمي ماذا عساك تفعلُ عندما تسعى لتشويه صورة إنسان معروف بنزاهته واستقامته الفكرية والانسانية؟ ستبحث في التفاصيل الصغيرة من تاريخه البعيد والقريب علّك تجد مثلبة (أو ما يمكن تأويله على أنه مثلبة)....
لطفية الدليمي

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

محمد الربيعي هذه المقالة تتبنى ما طرحته في كتاباتي السابقة وتعيد ما اكدت عليه في سياقات مختلفة. اسأل القراء الأوفياء الذين يتابعون أعمالي مسامحتي ازاء الالحاح في التأكيد، فالحاجة تدعوني لاعادة النظر في هذه...
د. محمد الربيعي

ماذا تبقى من سيادة العراق بمواجهة تحديات عديدة؟

لينا اونجيلي ترجمة: عدوية الهلالي في أعقاب غزو العراق مباشرة، أصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الأمر التنفيذي رقم 13303 لحماية صندوق تنمية العراق (DFI) الذي كان بمثابة مستودع مركزي للإيرادات الناتجة عن مبيعات...
لينا اونجيلي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram