لطفية الدليمي يطرح كتاب الدكتور فهمي جدعان القيّم (خارج السرب –بحث في النسوية الإسلامية الرافضة واغراءات الحرية) أسئلة جوهرية حول الخروج الصاخب لعصبة (النسويات الرافضات) في مدينة الاسلام الكونية -كما يسميها- مدينة الإسلام المعولم..
خروجهن من قفص العذارى والسرب إلى حيز الانطلاق والحرية ، يتساءل الباحث: ما الذي يكمن وراء صخبهن؟؟، وما سبب هذا الغضب الداهم الذي يستبد بهن ويدفعهن للعنف اللفظي والعنف الوجداني في مقاربة المقدس الديني والجنس الآخر؟ هل هي النواة الصلبة والمتشابهة في الموروث الفقهي النسائي ذي الجذور الأبوية؟ أم تراها نوعا من موقف ارتدادي إزاء الرؤية السلفية المضادة للعقل والحرية؟ يرى المفكر جدعان (أن توافرالحرية في الفضاءات الغربية أتاح لثلة من النساء أن تعبر بحرية أعظم (...) عن آراء ومذاهب لم يكن في مكنتها التعبير عنها بالوسائل العامة)، وقد نخالفه في هذا. تشكلت خلال العقدين الأخيرين عصبة ذهبت مذهبا نسويا متشددا، ويصح أن نطلق على كل واحدة منهن ما اطلقته (إرشاد منجي) على نفسها (مسلمة رافضة)، وهي واحدة منهن.. والرفض هنا -كما يرى المؤلف– إنما هو رفض لفهم محدد وتصور نمطي للدين، وتختلف حالات النساء الأربع اللاتي درسهن في بحثه، فالثلاث الأخريات (تسليمة نسرين وإيان حرسي علي ونجلاء كيليك) كن صريحات في ابتعادهن عن الاسلام وشديدات النقد للثقافة الاسلامية، يشير الباحث في الفصل الأول المعنون (في النسوية الإسلامية) إلى أن الكلام عن النسوية الإسلامية قد يبدو في أعين المسلمين والإسلاميين تحديا واستفزازاً، أما (النسويون) و(النسويات) فلن يحملوا هذا الكلام على محمل الجد، بل قد يسخرون منه في وقت يتضاءل فيه دور النسوية الغربية وتصعد النسوية الإسلامية الصخّابة التي فتحت لها وسائل الاعلام الغربية ابوابها وجعلت محاور ندواتهن وخطابهن العنيف مادة أساسية في برامجها .. يكرس الباحث الفصل الثاني لدراسة البنغالية (تسليمة نسرين) وإلقاء الضوء على محاولاتها في الأدب، وإثارتها للجدل بتصديها لموضوع الدين وكتابتها لمقالات صاخبة، ما أدى إلى إصدار فتوى تكفيرية بحقها وهي كاتبة ذات أداء أدبي متواضع لا يعتد احد بقيمته قدر اهتمام الإعلام الغربي بمضامينه العنيفة الناقدة للثقافة الإسلامية عامة. ويتناول الفصل الثالث المعنون (قفص العذارى) حالة الصومالية (إيان حرسي علي) التي أخرج لها الهولندي (ثيو فان كوخ) فيلمه القصير (خضوع) وكان سببا في اغتياله.. (إيان) امرأة عاصية، زعمت -كمثيلاتها من النساء هاويات الإثارة- أن احداث 11 سبتمبر هي التي دفعتها بعيدا عن الإسلام (!!) وهي التي قدمت معلومات كاذبة للسلطات الهولندية لتُقبل لاجئة وتبدأ نشاطها المعادي للإسلام من هناك، وانتمت الى حزب العمل وأصبحت هولندية أكثر من الهولنديين، وعدها المعارضون المعادون للإسلام من المهاجرين (فولتير) الإسلام، فصارت تصرح بآراء سبينوزا الذي فهمته فهما سطحيا، ووظفت صراخها وعنفها ضد الثقافة الاسلامية.. ويخلص الباحث الى أن (إيان حرسي علي) تتقن فن الكذب والمداورة وتضليل الباحثين، وهي امرأة مصدومة أرادت تفريغ مرارتها في الدين، ونجحت بفضل هذا كله في أن تصبح نائبا في البرلمان الهولندي، واستخدمها المحافظون الجدد في أميركا كأنها إحدى أوراق الحرب على الإسلام، حين استقبلوها بحفاوة وروجوا لها. ويتناول الفصل الرابع قضية المهاجرة من أصل هندي (ارشاد منجي) الكندية الجنسية.. نشأت (ارشاد) في بيت تعيس، وكان والدها يطاردها وبيده السكين، وتزعم أنها تسعى في نهجها النسوي للاجتهاد وتعد بالتغيير الإسلامي.. ويرى الباحث (أن المسلمة التي في داخل ارشاد منجي تشير إلى أن عملية الإصلاح لابد أن تنطلق من الإسلام نفسه). وفي الفصل الخامس المعنون (العروس الغريبة والأنا الطاردة) يتناول الناشطة الألمانية التركية الأصل (نجلاء كيليك)، الباحثة في العلوم الاجتماعية والداعية إلى اندماج المهاجرين في مجتمعهم الألماني، والتخلي عن عاداتهم وطقوس عيشهم الموروثة، ومنع الزيجات التعسفية المتفشية بين القاصرات التركيات في المهجر.. كتاب تحليلي أساسي لفهم النسوية الإسلامية، يكشف الآراء السديدة والباطلة لمدعيات الإصلاح، ويؤشر إلى شططهن وعنفهن الفكري النابع من صدمات طفولتهن، مما يشكك في كفايتهن العلمية لخوض قضية الإصلاح الديني التي يدعينها، بينما ينخدع بطروحاتهن حشد من المبهورين والمبهورات بأفكارهن العنيفة التي تدين منظومة الثقافة الإسلامية بطريقة إرهابية تماثل أساليب الإرهابيين أنفســـــــــهم في إلغاء المختلف.
قناديل ..النسويات الرافضات فـي مدينة الإسلام الكونية
نشر في: 12 يونيو, 2010: 04:53 م