علاء المفرجي
في كل الحوارات واللقاءات التي خضناها مع السينمائيين العراقيين، كانت إجابتهم حول اهم المشاكل التي تعيق دفع عجلة السينما العراقية هي الانتاج والتمويل الكافي لصناعة الافلام .
وإذا كانت هذه المسالة براي البعض مشكلة ممكن تجاوزها (كذا) لكنها بنظر الاختصاص من اهل السينما هي المعرقل الاساس في انتاج أي فيلم.
فإنتاج كم كبير أو صغير من الأفلام، لايعني إننا وضعنا حداً لأزمة السينما العراقية، فما زال الطريق طويلاً، يبدأ بتأمل أسباب هذه الأزمة ولا ينتهي بالأخذ ببعض حلولها.
فمع تميز بعض هذه الأفلام، بل وحصولها على جوائز مهمة لا يعني أيضاً الوصول الى المبتغى، وإذا كان التمويل هو كلمة السر في صناعة الأفلام والتي تترتب عليه التفاصيل الاخرى، فان هناك من الحلول ما ليس في البال، لعل هي التقنية الرقمية.
أثار دخول التقنية الرقمية عالم الفيلم الروائي الطويل مع ظهور موجة ال(دوغما) منتصف التسعينيات من القرن الماضي على يد عدد من المخرجين الدنماركيين، حماسة الكثير من صناع الأفلام الذين وجدوا فيه فرصة للتحرر من سطوة الانتاج الباهظ والتوزيع الاحتكاري...
خاصة مع استخدام هذه التقنية الجديدة وحضورها الواضح في الإنتاج السينمائي العالمي ، بل واعتلائها عن جدارة منصات الفوز في المهرجانات السينمائية العالمية، والتي خصص البعض منها نعني المهرجانات أقساماً لمسابقة خاصة لأفلام الديجيتال. وكان المخرج المثابر محمد خان قد نال سبق إخراج أول فيلم روائي عربي بكاميرا الديجيتال وهو فيلم (كليفتي) الذي دشن فيه مرحلة جديدة في السينما العربية، والذي ربما سيكون دافعاً لشباب السينما العراقية في تحقيق طموحاتهم التي غالباً ما تعترضها القواعد التقليدية الصارمة لصناعة الفيلم، والتي لا تتناسب مع إمكاناتهم الإنتاجية. ولعل الاهتمام المتزايد بالأفلام المصنوعة وفق هذه التقنية ربما يكون أحد الحلول المطروحة لإعادة الحياة للسينما العراقية والنهوض بها بعد سنوات من التهميش والإقصاء المتعمد في ظل المؤسسة الثقافية السابقة، بافتراض أن من الأسباب التي تعيق انطلاقة جديدة للسينما العراقية هو ما يتعلق بالإمكانات المادية من جهة كونها أي السينما صناعة أولاً ذلك إن هذه التقنية وخلافاً لكل التقنيات التي دخلت صناعة هذا الفن منذ انطلاقته قبل أكثر من قرن تختزل الكثير من مراحل صناعة الفيلم، وبالتالي توفر الكثير من التكاليف والاستخدامات ( التحميض والمواد الخام والطبع وغيرها) وهي الموانع الحقيقية التي تقف في وجه صناعة فيلم بتكاليف أقل.. وهو الأمر الأهم الذي تتميز فيه هذه التقنية الجديدة باعتبار ان جميع الإضافات التقنية التي دخلت صناعة السينما هي تعزيز واضافة للحلقات الكثيرة التي تسهم في هذه الصناعة.. وربما للسبب نفسه عد الكثير هذه التقنية بمثابة ثورة جديدة في السينما لا تقل خطورة عن تقنية إضافة الصوت والتجسيم واللون والمؤثر الرقمي لصناعة الفيلم والتي أحدثت في حينها انعطافات مهمة في تطور هذا الفن على مدى تاريخه. وإن كان في هذه التقنية أحد الحلول المناسبة لاستئناف دوران عجلة السينما، فلأنها ستجعل إمكانية إسهام السينمائيين الشباب في خوض غمار تجارب الصنعة السينمائية مع إقصاء الكلف الإنتاجية العالية التي تتطلبها الأساليب التقليدية لصناعة الفيلم، خاصة وإنها تتماشى مع التوجه الذي طبع الإنتاج السينمائي العالمي والحضور المهم في المحافل السينمائية للأفلام التي تعتمد هكذا طريقة في الصنعة. والمشاركات الأخيرة لعدد من سينمائيينا الشباب في المهرجانات السينمائية العربية بشكل خاص والتي ظفر البعض منها بجوائز مهمة، يضع هذه التقنية كحل ناجع وإن كان بعضاً من حل.