وديع غزوانمن الصعب التكهن بشكل دقيق بما ستؤول اليه مباحثات الكتل السياسية بشأن المعضلة الرئيسية لاختيار رئيس الحكومة القادمة , فما زالت اكثر التحليلات تفاؤلاً ترجح اختيار مرشح تسوية يتم اختياره من تحالف الائتلافين الوطني بقيادة السيدعمار الحكيم ,
ودولة القانون بزعامة نوري المالكي , وهذا ما ترفضه العراقية على اساس انه تجاوز على استحقاقها الانتخابي وعلى اختيار المواطنين , كما ان الاصرار على ألاّ يخرج منصب رئيس الوزراء من الائتلافين , عودة للتقسيم الطائفي بحسب ما تشير اليه اطراف من العراقية وعدد من الكيانات والشخصيات السياسية , وهذا ما يرفض التسليم به ( التحالف الوطني ) الاسم الجديد لوحدة الائتلافين :الوطني والقانون .ورغم ان اعلان توحد الائتلافين قد يقرب الفجوة التي كانت تفصل بينهما وتنبىء عن اتفاقهما على المبادىء الاساسية , الا ان بقاء اختلاف وجهتي نظرهما بشأن تسمية رئيس الوزراء , يؤشر حجم الازمة ليس بين الائتلافين فحسب , بل على الصعيد الوطني بشكل عام , وانعكاس ذلك على مستقبل العملية السياسية التي نطمح كمواطنين ان تترسخ وتتجذر بشكل يمكنها من تحديد هوية العراق الجديدالقادر على النهوض بأعباء مرحلة صعبة , ينتظر فيها المواطن انتشاله من تركات وثقل السنوات السابقة ومخلفاتها .واذا كان ارسطو قد دعا في اثينا الى التخلي عن الحاجات غير الضرورية في الحياة وعدها السبيل للوصول الى الفضيلة ثم السعادة التي هي في مقدمة الغايات الانسانية , فاننا كمواطنين قدمنا وما زلنا الكثير من التضحيات على طريق ترسيخ المنهج الديمقراطي , ندعوالى ان تتهيأ الظروف لتولي منصب رئيس الحكومة وغيره من المناصب لأشخاص عراقيين مئة بالمئة, عراقيين ليسوا بالجنسية حسب بل بالولاء والاخلاص, اشخاص ينظرون الى كل عراقي بشكل متساو وعادل , عراقي مسيحي اكثر من المسيحيين اذا ما ظلمت هذه الطائفة, وكردي او تركماني او عربي او ايزيدي ا وصابئي ,عراقي تجتمع فيه كل مكونات العراق المتنوعة, لايفرق بين هذا وذاك على اساس الولاء الحزبي او المذهبي او العرقي , بل يرى الجميع بمنظار المواطنة التي نحن احوج ما نكون اليها في هذه المرحلة .صحيح ان تطبيق ذلك صعب , خاصة بعد كل التشوهات التي اصابت نسيج المجتمع بعد 2003,ولكن العودة اليها ( اي مفهوم المواطنة ) ليس صعباً لانها مطلب الغالبية العظمى من الشعب , ولا يرفض ذلك الا من يسعى الى بقاء العراق ضعيفاً عاجزاً عن توفير حياة آمنة لأبنائه من خلال حملة تنمية وتطوير واسعتين تشمل كل نواحي الحياة .ونظن ان الخطوة الاولى لتطبيق ما اشرنا اليه يفترض ان يتجسد في سلوكيات وتصرفات النخب السياسية وابتعادها عن المصالح الآنية الضيقة وارتقاء مستوى مناقشاتها الى ما يحتاجه الوطن , لتؤكد بهذا تمسكها بالشعب ينبوع الحقيقة ومرآته النقية , الذي بدون كسب ثقته لايمكن الادعاء بصدق ما تحمله من شعارات.وعودة الى تجربة التحالف الكردستاني بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستانيين او الى تجربة الائتلاف الكردستاني بين الكتل الكردية الفائزة في الانتخابات , تؤكد ان لامستحيل اذا ما توفرت النية الصادقة بين القوى السياسية وترسخت الثقة بينها , وعملت في فضاءات الوطن الكبير, مبتعدة عن المصالح والمكاسب الحزبية والفئوية الضيقة .
كردستانيات ..عراقي مئة بالمئة
نشر في: 12 يونيو, 2010: 05:49 م