TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: معارضة صلاح عبد الرزاق

العمود الثامن: معارضة صلاح عبد الرزاق

نشر في: 17 نوفمبر, 2021: 12:18 ص

 علي حسين

إذا أردت أن تعرف كيف تُدار السياسة في بلاد النهرين، فإن مشاهدة اللقاء الأخير الذي أجراه أحمد الملا طلال مع القيادي السابق في حزب الدعوة والباحث السياسي حاليا صلاح عبد الرزاق، تكفيك لتقف على أبعاد الخراب الذي عشنا فيه خلال السنوات الماضية.

خاطب صلاح عبد الرزاق القوى الفائزة في الانتخابات متوعدا وهو يقول بكل أريحية "ليس لدينا مشكلة في تشكيل حكومة أغلبية، ودفع المالكي إلى المعارضة، لكن هذا سيعني استجوابات يومية للحكومة، خاصةً مع فوز حنان الفتلاوي وعالية نصيّف" !! .

ربما نختلف أو نتفق مع السيد صلاح عبد الرزاق، لكن علينا مع هذه اللفتة المتميزة أن نؤمن بأن الرجل يتمتع بروح الفكاهة والدعابة، إضافة إلى صفة الإصرار وعدم اليأس، والدليل على ذلك أنه لا يزال يقسم بأغلظ الأيمان أنه أراد تأسيس دولة مدنية، لكن الأحزاب الدينية لم تسمح له.

بعد مشاهدة صلاح عبد الرزاق، أيقنت أن العراقيين، نساءً ورجالاً، يستحقّون الجنّة، لسبب أساسي، هو أنهم يتعرضون للكذب والنفاق والخديعة كلّ يوم وعلى مدى عقود طوال .

كم هي بسيطة هموم العراقيين، أن يعرفوا مثلاً لماذا يصر تيار الحكمة على أن توزع المقاعد في البرلمان على طريقة "هذا لك وهذا لي"؟. ولماذا أصبح 40 في المئة من العراقيين فقراء حسب تقارير المنظمات الدولية؟ لماذا يموت مئات الآلاف من العراقيين في دروب الغربة؟ هذه الأسئلة وعشرات مثلها لن نجد لها أجوبة في قاموس السيد صلاح عبد الرزاق، فهو مشغول البال بين معارضة تتناوب عليها عالية نصيف وحنان الفتلاوي، وبين كعكة "دسمة" يجب تقاسمها بالتساوي.

السيد صلاح عبد الرزاق مصر على أن يكون ائتلاف دولة القانون حاكماً ومعارضاً في الوقت نفسه، وأن يكسب رضا الحكومة والمواطن طوال الوقت، فيما المطلوب منه أن يتخذ موقفاً، واضحاً ومحدداً، مما يدور حوله.

صحيح أننا نعيش عصر السخرية النيابية التي طالت كثيراً، إلا أن سخرية عن أخرى تفرق، فهناك من يسخر معنا وهناك من يسخر منّا، وهناك من يريد أن يجمع السخرية بالتسلية، وإلى هذا النوع تنتمي معارضة صلاح عبد الرزاق .

هكذا وبكل بساطة يخترع لنا البعض كل يوم حكاية جديدة كي يلهي بها الناس عن الخراب الذي يحيط بهم، إنها قمة السخرية. غير أن المحيِّر أكثر هو هذا التناقض الواضح بين أن تعلن معارضتك للحكومة، وفي الوقت نفسه تستولي، وبالمحاصصة، على مناصب في كل مؤسسات الدولة. بين الدفاع عن حقوق المواطنين، وبين القتال العنيف من أجل حصتك في الكعكة الحكومية، ناهيك عن تناقضات أخرى مضحكة بين سيل الكلمات الحماسية عن حق المواطن، والخدمات، والديمقراطية، وبين الخراب الذي يحاصرنا من كل مكان .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram