علي حسينرشيد الخيون، مفكر وكاتب صاحب حصاد زاخر بالوان الثقافة والمعرفة، فهو صاحب الذاكره الزاخرة عن الديانات والمذاهب ونشاتها،والقارئ لمؤلفات (الخيون) سوف يكتشف عبر اسلوبه النابض بالحرارة والصدق وايقاعه التلغرافي المتسارع كما لو انه يتابع رواية درامية بالغة الاثارة، وربما لوحة حافلة بالمعلومات التاريخية الموثقة وبالتفاصيل الدقيقة للوقائع المختبئه في طيات كتب التاريخ،
كائن تجذبه تلقائية الكلمة مصحوبة بالتامل والتفكير واستخلاص عبر التاريخ وتوظيفه لكسب الحاضر والمستقبل. ينتقي رشيد الخيون من حقول التاريخ، الاحداث والشواهد التي تثري ذاكرتنا وتعمل على انضاج الوعي وشحذ الارادة وتاكيد ايمانها بالديمقراطية والحرية. ولعلهامتعة مابعدها متعة ان يقرأ الواحد منا مقالات وكتابات رشيد الخيون، وهي متعة لها مذاق مختلف، فيها يمسك الكاتب بيد قارئه لياخذه في رحله زاخرة بالثقافة والتراث والسياسة والتاريخ والذكريات. ولعل كتابات الرجل تاتي من شخصيته التي هي صفات تشبة صفات الغير الا انها لاتظهر على السطح احيانا لكنها تختفي في اعماقه وتتحرك تلقائيا في مواجهة كل التصرفات الخاطئة والمعوجة على السطح في الوقت المناسب. وعلى قدر معرفتي بالخيون من خلال كتاباته، احسب ان احلامه الوطنية ظلت دوما متاججة وترفض ان تخبو اوتتوارى امام توالي الهزائم والانكسارات، مع تفاؤل باجتياز العراق محنته والنهوض من كبوته. ولعل صراحته احيانا يعتبرها البعض نوعاً من القسوة التي تفضي الى انفضاض البعض من حوله..اكتب عن رشيد الخيون بعد ان أمضيت ليالي ممتعة مع كتابه لاهوت السياسة الذي يروي فيه قصة الاحزاب الدينية في العراق كتاب ينبش في التراث وليس بالتاريخ. فالباحث بالتراث دائم النبش لإيجاد توافق بين الماضي وبين الحاضر، لكن المؤرخ غير ذلك يؤرخ لشخصية معينة أو حادثة ما ولا تعنيه مسألة الحاضر أبدا. لذلك كلما فهمنا عمق التاريخ استطعنا تحديد رؤية المستقبل.الخيون مفكر يكتب عن المتصوفة والزهاد، لكنه لم يزهد في الدنيا، فهو رجل يحب الحياة والاستمتاع بمباهجها ومعارفها، والاهم بحاضرها ومستقبلها.
العمود الثامن: النبش فـي التراث
نشر في: 12 يونيو, 2010: 07:18 م