TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك ..(إيده والسجين)

هواء فـي شبك ..(إيده والسجين)

نشر في: 12 يونيو, 2010: 10:10 م

عبدالله السكوتي وهذه كناية عن المفلت الزمام ، الذي يسرع الى المنازعة والخصومة ، وكان البغداديون في غابر الازمان يكنون عنه بكلمة عيّار ، ويراد به الشخص غير المنضبط الذي لايهتم بأمور معيشته ، بل يعيش كيفما اتفق ، ولايتقيد بما تعارف عليه الناس.
واول ظهور للعيارين في بغداد أواخر القرن الثاني الهجري ، عند حدوث الفتنة بين الامين والمأمون ، وتحديدا لما حاصر جيش المأمون بقيادة طاهر بن الحسين بغداد ، فألف الامين جيشا من اعجب الجيوش ، هو جيش العيارين يتألف من أهل السجون وأرباب السوابق ، وكانوا يقاتلون عراة ، اتخذوا لرؤوسهم دواخل من الخوص سموها خوذا ، ودرقا من البواري قيرت وحشيت بالرمل والحصى ، على كل عشرة منهم عريف ، وعلى كل عشرة عرفاء نقيب ، وعلى كل عشرة نقباء قائد ، وعلى كل عشرة قادة أمير، وكان العيارون يحاربون عراة ، ولهم مخالي يضعون فيها الحجارة التي يرمون بها ، وكانت رماحهم من القصب وبوقاتهم من قرون البقر وقد وصفهم الشاعر بقوله :خرّجت هذه الحرب رجالا             لالقحطانها ولالنزارمعشرا في جواشن الصوف            يغدون كالاسود الضواريويقول الفتى اذا طعن الطعنة           خذها من الفتى العيّاروعقب شاعر آخر في قصيدة بوصف بغداد  ابان حرب الأمين والمأمون:بغداد اسواقها معطلة                      يستن عيّارها وعائرهااخرجت الحرب من سواقطها          آساد غيل غلبا تساورهاكتائب الهرش تحت رايته                ساعد طرارها مقامرها ويعني بقوله كتائب الهرش ، اشارة الى الحسن الهرش احد قواد الامين ، تسلط على الناس بحجة تتبع الاموال ، فكان يهجم عليهم في منازلهم ، وكان يأخذ بالظن ، فاهلك الناس ففروا منه بعلة الحج فقال الشاعر :كم اناس اصبحوا في غبطة             ركض الليل عليهم بالعطباظهروا الحج وما ينوونه                بل من الهرش يريدون الهربوعند انتهاء الحرب بقتل الأمين، خرج الهرش يدعو الى الرضا من آل محمد ، حتى اتى النيل فجبى الاموال واغار على التجار وانتهب القرى (الطبري 8/ 463  ) .وفي سنة 251 للهجرة لما نشبت الحرب بين المستعين في بغداد وجيش المعتز المحاصر لها ، امر محمد بن عبد الله بن طاهر امير بغداد ان يفرض العيارين وان يجعل عليهم عريفا ، وان تعمل لهم تراس من البواري المقيرة ، ومخالي تملأ حجارة ، وكان العريف على اصحاب البواري المقيرة رجل اسمه بنتويه (الطبري 9/ 288) ، ثم تبين للامير ان الحجارة سلاح غير كاف ، فامر ان يتخذ العيارون من اهل بغداد الكافركوبات (تسمى في مصر النبابيت ، وفي بغداد الدونكيات ) وان يصير فيها مسامير حديد ، وكان  رأس العيارين ابا جعفر بنتويه ، ولهم رؤساء منهم دونل ودمحال وابو نملة وابوعصارة ، ولما اعطي العيارون الكافركوبات تفرقوا على ابواب بغداد ، وكانوا ممن يستميت في المعارك ، ثم ان امر العيارين قوي في سنة 348 وظهر امر قائد منهم اسمه بعزيز واستفحل امره ولحق به خلق كثير فاخذ الضرائب من الناس واحرق المحال ، ثم إنهم عاثوا فسادا في بغداد ،  وبعدها أدبوا في زمن بهاء الدولة البويهي، وبعد ذلك، وفي زمن جلال الدولة ابي طاهر اخذوا يكبسون دور الناس نهارا وفي الليل بالمشاعل ولايجد المستغيث مغيثا ، وقتلوا الشرطة بعد ان هرب اصحاب الشرط   ، ثم نصبوا لهم رئيسا هو ابو يعلى الموصلي ،  وفي سنة 538 نما امرهم حتى انهم ضموا ابناء الوزراء ، ثم بعد هذا سكت المؤرخون عن العيارين، لان بغداد ابتلت ببلاء غير بلائهم ، كما  سيصمت التاريخ عن الكثيرين فالبلوى متعددة ، امراض وأوبئة وخدمات منعدمة اضافة الى العيارين الذين تتورط ان تكلم احدهم، لانهم وكما قلنا :(ايدهم والسجين).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram