TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > هكذا صدر العدد الأول من جريدة الزوراء

هكذا صدر العدد الأول من جريدة الزوراء

نشر في: 13 يونيو, 2010: 04:28 م

 في يوم الثلاثاء الخامس من ربيع الاول 1286هـ الموافق 15 حزيران 1869م صدرت في بغداد اول صحيفة عراقية تحمل اسم الزوراء احد اسماء عاصمتها العتيدة.. ويعتبر هذا اليوم تاريخ ميلاد الصحافة العراقية التي نحتفل شعبا وحكومة في هذا العام بالذكرى المئوية لها.
 واليوم ونحن نلمس في صحفنا امكانيات فنية متطورة وفي صحفيينا دأبا وجهدا في خدمة الاهداف التي من اجلها خلقت الصحافة، يجدر بنا تسجيل بعض السطور عن تاريخ اول جريدة ولدت بميلادها صحافتنا العراقية، تعريفا لابناء هذا الجيل بما نهض به صحفيونا الاوائل من اعباء جسيمة وما تحملوه من متاعب في طريق انشائها وبنائها وتقدمها وتقديرا لما قدمه زملاؤنا في المهنة. وما وضعوه من لبنات اساسية في صرح تاريخنا الصحفي واعترافا بما تركته افكارهم الطيبة وأياديهم البيض صدقا في التعبير وجرأة في القول وايمانا بالعقيدة عبر السنين المائة من عمر صحافة هذا الوطن.واقعنا الفكري والاجتماعيفي العهد العثمانيكان الظلام المطبق يلف العراق والبلاد العربية بصورة عامة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وكان السلاطين العثمانيون وولاتهم وصنائعهم يحكمون كافة الاقطار التي احتلوها حكما مطلقا فرديا، خيرات هذا الوطن نهب لهم يتصرفون بها كيفما شاؤوا وبلا خشية من رقيب او حسيب، يقمعون كل حركة تحررية او اصلاحية وكل مطالبة شعبية بالحديد والنار، كانوا اعداء للعلم والمعرفة ولكل حركة تقدمية في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وجاءت الثورة الفرنسية والافكار والحركات الاشتراكية لتنشر في العالم مشاعل النور ولتبدد الكثير من دياجير الظلام، واخذت قيم الثورة الفرنسية تهتك حجب السلطة العثمانية ووصلت افكارها مختلف بقاع هذه الامبراطورية المترامية الاطراف، ومن هذه الافكار والقيم حرية ابداء الرأي والقول والاجتماع والمطالبة بالاصلاحات وكانت الصحافة هي اللسان الذي يمكن ان ينطق باسم الناس ويعبر عن مشاعرهم واحساساتهم ورضخ السلاطين الاتراك لفكرة اصدار الصحف واحترم بعضهم حرية الصحافة بينما راح الاخرون يحجبونها عندما تصطدم بمصالحهم ووجودهم الظالم.. وشعبنا من الشعوب التي رزحت تحت نير الحكم العثماني (1535ـ1917) كان يشعر بحاجته الى صحف تعبر عن امانيه في الاصلاح كما تعبر عن مشاعره القومية في التحرر والسيادة وكانت الصحف التي تصله من الاستانة كتقديم وقائع ومن البلاد العربية كالجوائب تحرك فيه الكثير من هذه المشاعر والاماني وكان نجاح الانقلاب العثماني في 23 تموز 1908 بقيادة الضابط العراقي الفريق محمود شوكت باشا (شقيق حكمت سليمان) واعلان الدستور العثماني (المشروطية) دافعا قويا ومحفزا لتحسس الوطنيين العراقيين باهمية الحرية وحرية الصحافة بوجه خاص عندها اصدروا العديد من الصحف في ذلك التاريخ ومن خلالها عبر وطنيونا عن شعاراتهم ومطاليبهم في الحرية والعدالة والتحرر والاصلاح.. وهنا يجدر بنا القول ان الصحافة العربية بوجه الاجمال كانت تتمتع في اواخر القرن الثامن عشر بنوع من الحرية البسيطة لاسيما في عهد السلطان عبد العزيز بن السلطان عبد المجيد الذي عرف عنه تنشيطه النسبي للاداب والعلوم والصحافة عندما شعر باهميتها في خدمة الدولة وذلك بعد زيارته لباريس عام 1867 حيث حضر معرضها الدولي الشهير بدعوة من نابليون الثالث وشهد بعينيه الفارق الحضاري بين فرنسا ودولة بني عثمان.وبعد عامين من زيارة السلطان عبد العزيز للعاصمة الفرنسية صدر فرمان همايوني بتعيين مدحت باشا واليا على بغداد خلفا لتقي الدين باشا حيث وصلها في يوم الثلاثين من نيسان 1869 (1286هـ) وقد دلت الوقائع على ان نقل مدحت باشا من مكانه في اوربا الى بغداد جاء بقصد الاصلاح والتجديد في هذه الولاية المهملة..اصلاحات مدحت باشا في العراقوحقيق بنا ان نعطي للقارئ بعض اللمحات عن اصلاحات مدحت باشا الذي يقترن باسمه تأسيس الزوراء اول صحيفة عراقية تثمينا لما خلفه هذا الرجل من جلائل الاعمال في بلادنا في حين عبث اقرانه الولاة العثمانيون الاخرون بمقدراتنا واساؤوا الينا كثيرا.كان مدحت باشا رجلا عصاميا وصل الى  اعلى مراتب الدولة بجده وخلقه وصدقه وصلابة عقيدته وجرأته في الرأي، شغف باللغة العربية وآدابها ودرس بها البلاغة والمنطق والفقه والحكمة على يدي استاذه عارف بك المشهور بشيخ الاسلام المعروف بانه من الزعماء المصلحين الميالين الى المبادئ الدستورية الحرة..قام مدحت باشا بجولات في مدن اوربية كثيرة رأى فيها رأي العين ما كان قد قرأه من نظم دستورية وما سمع به من تقدم حضاري وقارن بين هذا النظام وما تتخبط به بلاده والبلاد الاسلامية عامة في ظلمات الجهل والجور والفقر، كان مشبعا بالافكار الاصلاحية عمل جاهدا طوال مدة خدمته الدولة للمساواة بين الناس والضرب على ايدي المستبدين الذين ينهبون الاموال الاميرية ويعتدون على حقوق الرعية..  وفي بغداد حيث وصلها بادر فورا الى توطيد دعائم الامن واصلاح ادارة الحكومة، عاقب الحكام الظالمين وفتح ابوابه للمتظلمين وقام بالكثير من المشاريع العمرانية بعد ان وجد العراق وقد نضبت موارده وساء حال ساكنيه وتعطلت طرقه وكثرت فيه الثورات، بادر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram