اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ضرورة الديمقراطية

ضرورة الديمقراطية

نشر في: 13 يونيو, 2010: 04:43 م

صبيح الحافظهنالك مفردات من اللغة السياسية غيبت تماماً عن القارئ العراقي منها على سبيل المثال مفردة (الديمقراطية) وذلك لفترة (35) سنة فمن ولد العام 1968 أصبح عمره في سنة 2003 خمس وثلاثين سنة لم يسمع او يقرأ شيئاً من هذه المفردات ولا يعرف مفاهيمها وأهدافها
وأصولها لان النظام الدكتاتوري الشمولي السابق قد وضع قيوداً وثقافة صارمة على من يبحث فيها ، إضافة الى عدم وجود وسائل نشر من صحف ومجلات ودوريات خارج الثقافة الإعلامية للنظام ، إضافة الى عدم وجود تقنية الصحون اللاقطة للفضائيات بل كانت تحت سيطرة النظام ، أما ما ينشر في الخارج من مجلات وصحف فلم يسمح لها بالدخول عدا تلك التي كان يمولها لمساندة نظامه فقط ، كان معظم المثقفين من مفكرين وكتاب يتجنبون الحديث عن تلك المفردات في الأماكن الخاصة كالمقاهي والنوادي او بعض المجالس الثقافية الأهلية لعقد الندوات والمحاضرات فهذه هي تحت مراقبة عيون وآذان مؤسساته المخابراتية والتجسسية ، فإذا ما اكتشف أن أحداً من هؤلاء المثقفين قد تطرق الى البحث بهذه المواضيع والعمل على أشاعتها بين الناس فان مصيره السجن أن لم يكن الإعدام.في 9/4/2003 سقط النظام وسقطت معه مؤسساته الثقافية والإعلامية والسياسية فأختفت صحفه ومجلاته ودورياته ، وظهرت مجلات وصحف والتي أسسها الأحرار من العراقيين  الذين غيبهم ذلك النظام ودفعهم إلى الهجرة القسرية إلى خارج العراق ، وأخذت هذه الصحف الجديدة تنشر وبحرية مطلقة بمختلف البحوث والمفاهيم وغيرها من الدراسات والتحليلات لتلك المفردات (الديمقراطية الليبرالية الفدرالية ... الخ) واتجهنا نحن القراء نحو هذه البحوث الجديدة والغور في أعماقها بهدف التبحر في معرفة أصولها وأهدافها وعلاقتها بالإنسان والحضارة والتقدم ، فأخذنا نفتش ونلاحق مصادر المعلومات التي تبحث في تلك المواضيع والمفاهيم وخاصة موضوع (الديمقراطية) فوجدنا ضالتنا فيما ينشره المثقفون في العديد من الصحف وبشكل مكثف حيث تأسست منظمات ورابطات تعنى بنشر وإشاعة الديمقراطية.من حسن الصدف وقع في يدي كتاب يحمل عنوان (الديمقراطية) بـ(450) صفحة ومؤلفة هو القاضي الفرنسي (الكسيس دوتوكفيل) يتضمن دراسة تحليلية للديمقراطية من حيث هي مبدأ ونظام عام في الحياة السياسية والاجتماعية ، وهي اول دراسة مستفيضة منتظمة نزيهة قام بدراستها المؤلف للنظام الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية وقد صدر الكتاب لأول مرة سنة 1835 وقد ترجم إلى الانكليزية والاسبانية والألمانية والايطالية والروسية والمجرية والعربية وهذه الأخيرة قام بترجمتها الكاتب المصري أمين مرسي قنديل سنة 1962.سافر الكسيس دوتوكفيل وصديقه جستاف ديومون إلى أمريكا سنة 1831 وتجولا في عدد من ولاياتها وزار دوتوكفيل وصديقه واطلعا على نظمهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وعزما على دراسة الديمقراطية عملياً وعن كثب في أمريكا وقضيا فيها حوالي العشرة شهور.يقول دوتوكفيل في مقدمة كتابه واصفاً الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية أنني لم أعجب من شيء من تلك الأشياء التي استرعت نظري في أميركا طوال المدة التي قضيتها فيها عجبي الشديد من تساوي أفراد الشعب في أحوالهم الاجتماعية ، فهذه الحقيقة الأساسية لها الأثر العظيم في مجرى شؤون المجتمع كله وان المساواة بين أفراد المجتمع تؤكد ان الحقائق الجزئية مستمدة كلها منها وقد تجلت لي الديمقراطية التي تسود المجتمعات الأميركية هي بتأثير من العناية الإلهية. ويستمر دوتوكفيل بقوله: فليس من الضروري ان ينزل الله على أنبيائه ما يكشف لنا صراحة عن معالم مشيئته التي لاريب فيها ، فحسبنا أن نتأمل السنن الكونية العادية وندركها ونعرف نزعة الأحداث المستمرة واتجاهها ، فأني لا اعرف مثلاً من غير حاجة بي الى وحي خاص ، أن الكواكب تتحرك في أفلاكها ، وهي أفلاك رسمتها لها يد الباري.فلو أهل عصرنا اقتنعوا بعد طول الملاحظة والتفكير السديد المخلص أن تطور المساواة الاجتماعية التدريجي السائر قدما ، أنما هو تاريخهم الماضي وتاريخهم في المستقبل كذلك لأضفى هذا الكشف وحده على هذا التطور صفة مشيئة إلهية مقدسة ، ولاستبان لهم أن أية محاولة لتعطيل سير الديمقراطية تعد في هذه الحالة معاندة لإرادة الله ، وعندئذ لا يكون  أمام الأمم ألا أن تعمل ما استطاعت للاستفادة من حظها الاجتماعي الذي قسمته لها العناية الربانية.فأول واجب من الواجبات المفروضة ألان على أولئك الذين يوجهون بالتربية والتعليم ، وان يوقظوا فيها معتقداتها الدينية من جديد ما استطاعوا الى ذلك سبيلاً، وان يطهروا أخلاقها مما علق بها من شوائب ، وأن ينظموا حركاتها ، ويحلوا المعرفة بالعلوم السياسية محل عدم الخبرة والشعور بالمصلحة الحقيقية محل النزعات الفطرية العمياء وان يلاءموا بين حكومتها وبين الزمان والمكان ويكيفوها بحسب الناس والأحوال ، فما اشد حاجاتنا إلى علوم سياسية  جديدة ، تصلح لعالم جديد ، ومع ذلك فهذا اقل ما نفكر فيه ، ومع إنا وسط تيار سريع فانا نتعنت ونركز أنظارنا في بعض الأنقاض التي مازلنا نراها ملقاة على الشاطئ الذي غادرناه خوفاً من أن يحملنا التيار وبجرفنا إلى الوراء ن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram