د.قاسم حسين صالح
تتنوع انقسامات الشيعة فيما بينهم،فهم يتوزعون تبعا" للمرجعيات التي يقلدونها وللمدينة أو العشيرة التي ينتمون إليها،لكن أخطرها توزعهم على أساس الحزب السياسي الذي ينتمون اليه،وكانت ابرزها:
المجلس الإسلامي الأعلى،وحزب الدعوة بفرعيه،والتيار الصدري،وحزب الفضيلة. وقد شكل الشباب القوة الضاربة في مليشيات هذه الأحزاب لا سيما منظمة بدر وجيش المهدي..ونستثني هنا الشيعة بالهوية من غير المنتمين لأحزابها وعناوينها الرسمية.
كان هنالك عاملان شطرا الإسلام السياسي الشيعي الى فريقين هما ( الاحتلال وإيران). الفريق الأول تعاون مع الاحتلال ونظر الى قواته في العراق على انها " حليفة " أو صديقة ،وأن وجودها مرحلي تتطلبه ضرورات وطنية واجتماعية،أحوجها الحيلولة دون وقوع حرب أهلية. وفي حينه،شكل الحزبان " الدعوة والإسلامي " اللذان بيدهما السلطة آنذاك القوة المطلقة في هذا الفريق،قابلهما التيار الصدري الذي ناصب الاحتلال العداء،"وتحّول موقفه وقتها من التحالف مع الحكومة الى العداء لها ".
اما إيران فينقسم موقف الشيعة منها الى فريقين أيضا" الأول: يرى ان إيران هي السند القوي لضمان بقاء الشيعة في السلطة وان التحالف معها مسألة إستراتيجية ومصيرية " وان أمده الى يوم القيامة "على حد تعبير قيادي في أمن السلطة. والثاني: يرى ان التعامل مع إيران ينبغي أن يكون مثل تعاملنا مع اية دولة أخرى،وأنه يجب أن لا يكون لها نفوذ سياسي ولا حتى ديني في العراق،وكان هذا هو السائد لغاية اعلان نتائج انتخابات( 10تشرين/اكتوبر 2021)،التي شطرت قوى الشيعة بوضوح اكثر الى جبهتين: موالية لأيران ممثلة بـ(التنسيقية) بقيادة السيد نوري المالكي،والتيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر الذي اعلن عدم السماح بتدخل الدول الخارجية بالشأن السياسي العراقي.
وكنا توقعنا قبل سنوات في مقالة موثقة،انه (بدءا من العام 2008 سيشهد الشيعة انقساما" سياسيا" حادا" فيما بينهم لدوافع سياسية ودينية ومالية. وإذا ما أجاد التيار الصدري العزف على أوتار حاجات الناس وهموهم فأنه سيكسب تعاطف الكثير من جماهير الشيعة لأن الذين جاء بهم الشيعة الى السلطة قد خذلوهم وخيبوا آمالهم،لا سيما المحسوبين على حزب الدعوة،فضلا" على ان المنضوين بجيش المهدي هم من الشباب المأزوم اقتصاديا" ونفسيا" وسياسيا" ولا يخشون الموت).
الشخصية الشيعية والتبعية الفكرية
هناك حالة تتصف بها الشخصية الشيعية يمكن تسميتها بـ " التبعية الفكرية " تتمثل بطاعة ما تأمر به المرجعية. ففي زمن تدني الوعي والتخلف والجهل الذي كان شائعا" بين جماهير الشيعة في العراق، كانت المرجعية الدينية تمثل أعلى مراتب الاجتهاد في الدين والفقه وفهم القضايا التي لا يفهمها الإنسان العادي الشيعي الذي به حاجة الى تبصيره،فتوزع الشيعة كل حسب المرجع الذي يقلده. ويعني التقليد الرجوع الى فتوى الفقيه والأخذ بها دون تفكير أو تدقيق. ووصل الأمر بهم في اتكاليتهم الفكرية الى اعتماد مقولة " ذبها برقبة عالم واطلع منها سالم " في الأمور التي تحيرهم أو تلك التي يبحثون لها عن تبرير،وبينهم من كان يتحايل عليها. ثم تحولت الى مرجعية سياسية ــ دينية تجلّت في الفتوى التي نسبت الى السيد السيستاني بوجوب أن يدلي كل عراقي وعراقية بصوته في الانتخابات التي جاءت ببرلمان (2006) وجرى تفسيرها بأنها تعني وجوب ان يعطي الشيعي صوته لقائمة الائتلاف المرقمة (555)..فكانت السنوات الثمان (2006- 2014) التي تولى فيه الحكم حزب الدعوة برئاسة المالكي هي الأفشل والأفسد في تاريخ العراق السياسي.
اغلبية أم توافقية
ما يشغل الشعب العراقي الآن هو الصراع بين الخصمين اللدودين (الصدر والمالكي) بعد ان وضح ان مصير العملية السياسية ومستقبل العراق صار بيديهما،فيما السنّة والكرد يراقبون ويوازنون. فالتيار الصدري الذي فاز باغلبية ساحقة في انتخابات 10 تشرين ..اتته الفرصة الآن لياخذ (بحيفه) من حزب الدعوة بمواجهة سياسية ذكية تهدف،في حساباته ،الى تسقيطه بأن خيّره بين حكومة اغلبية وطنية او معارضة برلمانية.
ومع ان مراقبين يرون أن الأخوة الأعداء سيتفقون في النهاية على ما يؤمن للجميع مواصلة التمتع بالثروة وسطوة السلطة، فان الأمر لن يكون سهلا كما تمناه مقتدى الصدر،لأن خصمه المالكي يمتلك خبرة سياسية ومكرا ومالا وفصائل مسلحة ودعما ايرانيا ستشهد جلسة البرلمان الجديد الخاصة بتشكيل الحكومة، اعلان صراع بين الأخوة الأعداء..لن يكون ديمقراطيا قطعا!
جميع التعليقات 1
عدي باش
الأحزاب الإسلامية (الشيعية) ، بمختلف مسمياتها ، خذلت جمهورها ، في خضم إنشغالها بتقاسم (كعكة) السلطة