علي حسين
عاش كامل الشناوي، الذي سيخلط بعض القراء الأعزاء بينه وبين الممثل كمال الشناوي، حياته على طريقته الخاصة، فالشاعر الذي خلع رداء الأزهر ليذهب باتجاه المقاهي يستمع الى عشاق الغناء، سيصبح واحداً من أشهر صحفيي مصر، وفي الوقت نفسه ستتردد قصائده على السنة المطربين والمطربات، أم كلثوم، عبد الحليم، نجاة الصغيرة، فريد الأطرش، وهو، وليس غيره، صاحب أجمل كتاب عن الشاعر "أبو نواس".
في كتابه "أعجبني هؤلاء" يروي أنيس منصور حكاية كامل الشناوي مع الحب، والنساء اللواتي كتب عنهن أجمل القصائد، وكانت واحدة منهن نجاة الصغيرة التي غنت له "لا تكذبي".
وأنا أكتب عن شاعر ربما لم يسمع به الكثيرون من القراء، أتوقع أنْ يلومني القرّاء الأعزّاء على بطري، ومع كلّ المبرّرات التي سأطرحها عليكم، لأنني اخترت الكتابة في هذا الموضوع الظريف، إلّا أنّ هناك من سيقول حتماً: يارجل ألا تحس بالمسؤولية، لماذا أنت معدوم الضمير؟، تجلس وراء الكيبورد وتكتب بكل برود "لا تكذبي"، يا شيخ، كان حرياً بك أن تخجل من نفسك، فهل بارت تجارة الكذب في العراق، حتى تحدثنا عن كذب الفنانين؟، لماذا لا تناقش ما جرى في تظاهرات السليمانية؟، وكيف اكتشفنا والحمد لله أن هناك طرفاً ثالثاً هو الذي مارس العنف ضد المتظاهرين؟، لا بأس فقد عشنا في بغداد أيضاً مع "السيد" الطرف الثالث..
ولهذا أرجوكم أن تعذروا عدم اهتمامي بأخبار عالية نصيف، أو مناقشتي لنظرية صالح المطلك في تقاسم المغانم، لأهرب منهم بالحديث عن شؤون الطرب والمطربين، ، ولهذا تجدني لا أهتم لتغريدة كتبها وزير الإعمار السابق بنكين ريكاني يطالب فيها بتشريع قانون "مكافحة الكذب"!!
ماذا كان ينقص في مهرجان الكذب؟، بالتأكيد "كسينجر العراق" إبراهيم الجعفري الذي فاجأ الشعب العراقي باختفائه، وهذا أمر غريب، وكل ما نتمناه أن تكون هذه المفاجأة "كذبة نيسان"، وأن يخرج علينا السيد الجعفري ليخبرنا أنه باقِ معنا.ولأننا نشاهدنا كل يوم خبراء السياسة وهم يشرحون لنا معنى الصدق النزاهة، ويقدّمون خطاباً "شفافاً" حول الحقائق ، التي لا يريد الشعب ان يعترف بها ، وهي اننا نعيش طوال السنة مع يوم اسمه " كذبة نيسان " ، فرأينا من يمارس الخديعة باسم الدين بالطريقة ذاتها التي جرت بها ممارسة الخديعة باسم المظلومية ، ومرات باسم الدفاع عن الطائفة ، المعيب في هذه " الاكاذيب " أنها تظهر في أسوأ الأوقات، ويبدو اصحابها غارقين في النهب، والمصالح الحزبية ، كل جماعة معها ناطقها الذي يحمل الميكرفون نيابة عنها.
بعد أكثر من 18 عاماً من الفشل، اكتشفنا أنّ ساستنا الأفاضل يختلفون على مَن هو الكاذب ومن هو الكذّاب .